فالذي لم ينكح أو نكح ولم يجامع ولم ينزل وهو يرجو الولد فهو مغرور أحمق.
وقد قال الله : ( وأن ليس للإنسان الا ما سعى * وأنّ سعيه سوف يرى * ثمّ يجزاه الجزاء الأوفى ). (١)
وقال : ( كلّ نفس بما كسبت رهينة ). (٢)
فالرجاء بدون العمل تمنّ وغرور.
وكذا النسب لا نفع له ، والله تعالى يقول :
( فلا أنساب بينهم يومئذ ولايتساءلون ). (٣)
ويقول : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ). (٤)
فمن زعم أنّه ينجو بصلاح أبيه كمن زعم أنّه يشبع بأكلة أبيه ويصل إلى المنزل بمشي أبيه أو يصير عالماً بعلم أبيه ، هيهات بل التقوى فرض عين على كلّ أحد ، ( ولا يجزي والد عن ولده ) (٥) بل ( يفرّ المرء من أخيه وأمّه وأبيه ) (٦) ولا شفاعة الا مع حصول شرائطها ( ولا يشفعون الا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ). (٧)
ومنهم العلماء أمّا في تحصيل العلوم فمنهم من يقتصر على الكلام والجدال ومعرفة آداب التعرّض في أندية الرجال من غير تحصيل العقائد الحقّة أو رسوخ فيها فهو كخيط مرسل في الهواء تفيّؤه الريح تارة كذا وتارة كذا ، وهو يظنّ أنّه أعلم الناس بالله وصفاته وأفعاله وآياته.
ومنهم المقتصر على العلوم الآلية ظنّاً منه أنّها مقدّمات للعلوم
__________________
١ ـ القمر : ٣٩ ـ ٤١.
٢ ـ المدثر : ٣٨.
٣ ـ المؤمنون : ١٠١.
٤ ـ الأنعام : ١٦٤.
٥ ـ لقمان : ٣٣.
٦ ـ عبس : ٣٤.
٧ ـ الأنبياء : ٢٨.