الشرعية ، فيفني عمره في طلبها ولم يحصل شيئاً ممّا خلق لأجلها (لأجله ظ).
ومنهم المقتصر على الفقهيات أو بعضها أو بعضها كالمعاملات أو مع مقدّماتها القريبة كأصول الفقه معرضاً عمّا خلق لأجله من المعارف الحقّة ، وتزكية نفسه عن ذمائم الصفات وتحلّيها بمحاسن الملكات وشرائف الطاعات.
ومنهم من تعمّق في جميع العلوم بأسرها مهملاً للقوّة العملية معرضاً عن تزكية نفسه عن الرذائل الخلقية أو مكتفياً فيها بالظاهر الجلي بدون تعمّق في إدراك الخفايا المكنونة في الزوايا فإنّها أغمض وأدقّ من كلّ شيء كما أشرنا مراراً إليه.
وقد بيّنا لك ما به يحصل النجاة ويفوز المرء بالسعادات.
وإمّا في صفات القلب حيث يتكبّر ويسمّيه إعزازاً للدين وإرغاماً لأنف الجاهلين ويحسد ويغتاب ويسمّيه ردّاً على المبطلين وغضباً للحقّ والدين ويرائي ويسمّيه إرشاداً للمسلمين.
وكلّ هذا تغرير لنفسه والله مطلع على سريرته.
ومن أعظم ما اغترّ به [ بعض ] علماء عصرنا الخوض في أموال اليتامى والمساكين ، وصرفها في شهواتهم ومن يختلف إليهم بنوع من الأنصار والمريدين ظنّاً منهم أنهم يستحقّون بذلك جزيل الأجر والمثوبة بإعانة الفقراء ذوي المتربة وتخليص الأغنياء عن اشتغال الذمّة بالحقوق الواجبة وترويجاً للعلم بإعانة الطلبة والله مطّلع على سرائرهم عالم بما في ضمائرهم.
وبالجملة فجهات الغرور سيّما في هذا الزمان أكثر من أن يسطر ببنان البيان ، بل انتهى الأمر إلى كونهم قطّاع طريق الاسلام والمسلمين ، فهلاكهم