فقال : أفلت منّي يا فلان؟ فقال : لابعد.
ومنهم : العبّاد والزهّاد.
فمنهم الغالب عليه الوسواس في الطهارات والنيّات ، والمبالغة في إجراء البعيد من الاحتمالات فيها ، وفي أداء الحروف من المخارج في الصلوات وأمثال ذلك من الجزئيات ، ثم يعكس تقديراته في المأكل وأخذ الأموال بطلب محامل بعيدة لتبديل الحرام بالحلال ، ظانّاً أنّه محتاط في تصحيح عباداته مع أنّه مضيع أوقاته ، وصارف عمره فيما لا يعنيه ، [ وتارك للتوجّه ] (١) والحضور وغيرهما ممّا يعنيه ، فهو من أقبح أنواع الغرور والجهل بمواقع الأمور.
ثم من أغلب ما يقعون فيه العجب والرياء في العبادات ، مع ظنّهم أنّهم على تقوى وإخبات ، وربما يصومون في غالب الأوقات ، زعماً منهم انه مجرّد كفّ عن المفطرات ، مع عدم احتفاظهم عن الغيبة وسائر الأذيّات والافطار على المحرّمات وهم يرجون فيه جزيل الثواب من الكريم الوهّاب ، وكذا يحجّون بالمال الحرام من غير ردّ للمظالم وقضاء للديون الواجبات ، وعدم الاحتفاظ على الصوات والطهارات والتجنّب عن النجاسات ، مع قلوب ملوّثة بذمائم الصفات ورذائل الملكات ، وه يظنّون انّهم مسارعون إلى الخيرات.
ومنهم من يترك نفائس الملابس ولذائذ الممطاعم ، زعماً منه أنّه سالك مسلك الزهّاد مع حبّه للرئاسة باشتهاره بذلك بين العباد ، فقد ترك الأهون فساداً لأعظم الفساد.
ومنهم المغترّ بفعل النوافل والمستحبّات مع عدم معرفته بحدود الفرائض والواجبات ولأ أخذٍ لمسائله الدينية على وجه يحصل له البراءة ، اليقينيّة.
__________________
١ ـ ساقط من « الف » و « ب ».