ومنهم الصوفية.
وفمنهم القلندرية المنكرون لعقائد أهل الايمان ، والتاركون لشعائر الاسلام ، والجاهلون بمسائل الحلال والحرام ، الصارفون عمرهم في في التكدّي وإيذاء الأنام ، ظنّاً منهم أنّهم معرضون من كلّ لذّة وشهوة ، ولو أقبل عليهم شيء منها بغتة ماتوا من الفرح فجأة ، فهم أرذل البريّة ، وأجهلهم في الفكر والرويّة.
ومنهم من اكتفى من التصوّف بالنطق والزيّ واللبس وخفض الصوت وإطراق الرأس وتنفّس الصعداء وفعل ما يشبه البكاء سيّما إذا سمعوا كلاماً في العشق والوحدة مع عدم معرفة معناه بالمرّة ، وربما يتجاوز بعضهم إلى الرقص والصعيق وإبداء الشهيق والنهيق واختراع الأذكار والتغنّي بالأشعار وسائر الحركات الشنيعة والهيئات القبيحة الفظيعة ، ظنّاً منهم الوصول بأمثال هذه الحركات إلى أعلى المنازل والمقامات ، مع أنّها يقرب العبد إلى سخطه تعالى وعذابه ، ويستوجب بها الأليم من عقابه ، وبعض منهم يطوي بساط الشرع والأحكام ، والفصل بين الحلال والحرام متكالباً على الشبهات والمحرّمات تاركاً للسنن بل الواجبات مدّعياً أن الله غنّي عن الطاعات وأنّه لا عبرة بعمل الجوارح بل العبرة بالقلوب وأنّها واصلة إلى المطلوب والهة في مشاهدة المحبوب فيخوض في الشهوات الدنيوية زاعماً أنّها لاتصدّ عن المعارف الحقيقية مع قوة النفوس وثبات الأقدام ، وإنّما المحتاج إلى رياضة البدن خصوص العوام ، ولا يتفكّرون في أنّ أنبياء الله المرسلين وأولياء الله المقرّبين مع كونهم المقصود من خلق السماوات والأرضين وعن أدناس السيّئات والمعاصي طاهرين معصومين يبكون على ترك الراجح بل المرجوح (١) سنين متوالية ويحسبونها صادّة عن الدرجات الرفعية العالية ، فهم أضعف الناس عقلاً وأشدّهم حمقاً وجهلاً ، وربّما ادّعى بعضهم غاية
__________________
١ ـ كذا ، ولعل الصحيح : يبكون على فعل المرجوح ، بل ترك الراجح.