الله والتشكّي عند الغير على أمر غير مقدور له حادث منه تعالى ، قسراً ، بل الصبر على الطاعة أيضاً أشقّ وأصعب جزماً ، ويشهد لكون المراد من الصبر على المصيبة الذي رجّح عليه الصبر عن المعصية في الخبرين هذا الأدنى دون الأعلى أنّ الحكيم يتكلم فيما يعمّ نفعه للطباع البشرية ، وذلك الأعلى ليس من رتبة الأغلب ، حتى إنّ النبي صلىاللهعليهوآله مع كونه أشرف المقرّبين إلى الله تعالى لمّا مات ولده إبراهيم فاضت عيناه بالدمع وكان يقول : « العين تدمع والقلب يحزن والنقول مايسخط الرب ». (١)
فلا يتيسّر للأغلب الوصول إلى مرتبة الرضا التسليم ، بل من هو من خواصّ خواصّ المقرّبين ، كما نصّ عليه الخبر الذي نقلناه عن الصادق عليهالسلام فلا معنى لحثّ العامة عليه ، بل اللائق بحالهم الحث على الميسور ، أعني الأدنى.
ويشهد لما ذكرناه أيضاً ظهور النبوي المذكور في ذلك أيضاً ، حيث قال : « حتّى يردّها بحسن عزائها ». (٢)
مضافاً إلى نصّ الصادق عليهالسلام حيث قال : « فمن صبر كرهاً ولم يشك إلى عوّاده المصيبة ولم يجزع بهتك ستره فهو من العامّ ». (٣)
وبالجملة : إن كان المراد من الصبر على المعصيبة المرتبة الأدنى كان الصبر عن المعصية بل على الطاعة أيضاً أفضل.
والظاهر أنّه المراد من الخبرين المرجّحين له لما ذكرناه وإن كان الأقصى كانت هي أفضل.
والظاهر أنّه مراد ابن عبّاس ، وهو الذي رجّحه الغزالي ومن تبعه ،
__________________
١ ـ جامع السعادات : ٣ / ٣٠١ ، وكأنّ مراده من هذا المثال أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله مع كونه أشرف المقرّبين وواصلاً إلى أعلى درجات التسليم والرضا والمحبّة كان في هذه الواقعة في مقام تعليم الناس كيفية المواجهة مع المصائب ، لأن هذا هو الذي يعمّ نفعه للطباع البشرية.
٢ ـ المحجة البيضاء : ٧ / ١٢٦ ، وقد مرّ ص ٣٥٣.
٣ ـ مصباح الشريعة : الباب ٩١ ، في الشكر ، مع اختلاف.