فرارك من الأسد ، حيث لاترى منهم الا مايغفلك عن الآخرة ويهوّن عليك المعصية ، ويضعّف رغبتك في الطاعة.
ومنها : اخلاص من الخصومات والتعرّض للأخطار والفتن التي لايخلو بلد عنها.
وروى ابن مسعود أنّه صلىاللهعليهوآله قال : « سيأتي على الناس زمان لايسلم لذي دين دينه الا من فرّ بدينه من قرية إلى قرية ومن شاهق إلى شاهق ومن حجر إلى حجر ، كالثعلب الذي يروغ ، قيل : ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال : إذا لم تنل المعيشة الا بمعاصي الله تعالى ، فإذا كان ذلك الزمان حلّت العزوبة ، قالوا : كيف ذلك يا رسول الله وقد أمرتنا بالتويج؟ قال : إذا كان ذلك الزان كان هلاك الرجل على يدي أبويه ، فإن ل يكن له أبوان فعلى يدي زوجته وولده ، فإن لم يكن فعلى يدي قرابته ، قالوا : فكيف ذلك يا رسول الله؟ قال : يعيّرونه بضيق اليد فيتكلّف ما لا يطيق حتى يورده ذلك موارد الهلكة ». (١) وهو وإن اختصّ بالعزوبة الا أنّه يفهم منه العزلة لعدم إمكان التزويج الا بالمعيشة المستلزمة للمخالطة اللازم منها الوقوع في الفتن والأخطار.
وقال بعضهم لمّا وبّخوه على الاعتزال وترك إتيان الجماعات والمساجد : ـ رأيت مساجدكم لاهية وأسواقكم لاغية والفاحشة في محاجّكم عالية وفيما هنا عمّا أنتم في عافية. (٢)
ومنها : الخلاص عن شرّ الناس من الغيبة وسوء الظنّ والتهمة والأطماع التي يعسر الوفاء بها والكذب والنميمة والحسد ونصب المكائد في إضراره وغير ذلك ممّا يطول الكلام بتفصيله.
وقد كان بعض الأكابر ملازماً للمقابر والدفاتر ، فقيل له في ذلك ،
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٤ / ٢٠.
٢ ـ المحجة البيضاء : ٤ / ٢١.