وأن تعلم أن المبرى من كل عيب سيما في هذا الزمان كالكبريت الأحمر ، فلو طلبته لزمك الاحتراز والاعتزال عن كل الناس.
فغاية المنى في المصاحب من غلتب محاسنه على مساويه ، والمؤمن لابد أن ينظر إلى محاسن صاحبه لينبعث منه الود والاحترام والشوق إلى تحصيله (١) إن كان فاقداً لها دون المساوي حتى ينتح نقائضها كما هو هو دأب المنافق اللئيم ، وكما ينبغي السكوت لساناً فكذلك قلباً بأن لاتسيء به الظن وتحمل أفعاله على السهو والنسيان مهما أمكن سواء كانت فراسة أي مستندة إلى علامة محركة للظن تحركاً ضرورياً أو ناشة من سوء الاعتقاد فيه حتى إنه يصدر منه فعل ذووجهين فيحمله سوء العقيدة على تنزيله على الوجه الأردى من غير علامة مخصصة ، وإن كان الأخير شاملاً لكل مسلم كما أشير إليه سابقاً.
والباعث الغالب لكشف العيوب والامتناع عن سترها الحقد والحسد لامتلاء باطنه منهما ، فإذا اغتنم فرصة انحلت الرابطة ورشح الباطن بخبثه والانقطاع حينئذ أولى.
وكذا ينبغي السكوت عن مما راته في تكلماته ، فإنها مثيرة لنار الحقد ، مضافاً إلى كونها من رذائل الأعمال في نفسها مع كل أحد ، وكونها موجبة للتكبر بإظهار التميز بمزيد العقل والفضل وتحقير المسلم بنسبته إلى الجهالة أو الحماقة أو السهو أو الغفلة عن فهم الشيء كما هو حقه ، وهو مذموم ، ومناف للاخوة ، ومستلزم للنفرة والوحشة والمعاداة.
والرابع : حق فيه أيضاً بالنطق ، بأن تتودد إليه باللسان وتسأل عما لابد منه من أحواله وإظهار السرور مما يسره ، والكراهة مما يكرهه ، فإنه مما تزيد به المحبة المطلوبة بين المؤمنين شرعاً وإفشاء محامدة بين الناس في حضوره وغيبته والدفع عما يقدح فيه فيهما أيضاً ، والشكر له إن كان له حق عليك
__________________
١ ـ كذا ، والظاهر : تحصيلها.