إليك في هذا الوقت بأن تأخذ بيده وتتلطّف في نصحه والدعاء له بالعود إلى ما كان عليه ، وهذا الطف وأفقه ، وإن كان الأول أحسن وأسلم لما فيه من الاستمالة والرفق المفضي إلى الرجوع لاستمرار الحياء عند دوام الصحبة وإذا أيس منها أصرّ واستمرّ ، ولأنّه عقد نزل منزلة القرابة فيتأكّد به الحقّ ويجب الوفاء به.
ومن جملته (١) أن لا يهمله في أيّام فقره وفقر الدين أشدّ ، فينبغي مراعاته والتلطف به حتّى يعان على الخلاص ممّا وقع فيه ، لأنّ الاخوّة عدّة للنوائب والحوادث ، وهذا من أشدّها وهي لحمة كلحمة النسب.
قال الصادق عليهالسلام : « مودّة يوم صلة ومودّة شهر قرابة ومودّة سنة رحم ماسّة ، من قطعها قطعه الله ». (٢)
ومنه يظهر سرّ عدم جواز مواخاة الفاسق ابتداء وحسن الاستدامة عليها انتهاء ، إذ لم يتقدّم في الأولى له حق بخلاف الثانية ، فنسبة قطع الاخوّة إلى تركها ابتداء كنسبة الطلاق إلى ترك النكاح ، فإن كانت مخالطة الكفّار من الممحذورات فمفارقة الأحبّة أيضاً من المحضورات ، وليس السالم عن المعارض كغيره.
والثانية لابدّ فيه من الصفح والتحمّل ، بل تنزيل أفعاله على الوجه الأحسن مهما أمكن ، وإن لم يمكن فضبط النفس عن الغضب المجبول عليه الطبع الزكي بكظم الغيظ والعمل بخلاف مقتضاه ممكن.
وقد قيل : الصبر على مضض الأخ خير من العتاب ، وهو خير من القطيعة ، وهي خير من الواقيعة ، ولاتبالغ في البغض مع الوقيعة عسى الله أن يجعل بينك وبينه مودّة.
والسادس : حقّ الدعاء له في حياته ومماته بما تحبّه لنفسك فإنّه في
__________________
١ ـ أي من جملة الوفاء به.
٢ ـ المحجة البيضاء : ٣ / ٣٣٨.