مفوتاً (كذا) لمحبوبة أشرق عليه نار الندم وتألّم به كمن أشرق عليه نور الشمس بعد ما كان في ظلمة سحاب أو حجاب فرأى محبوبه مشرفاً على الهلاك حيث تشتعل نيران الحبّ في قلبه ، فينبعث منه إرادة النهوض للتدارك.
وقد يطلق على الندم وحده ويجعل الأوّل مقدّمة سابقة والأخيرة ثمرة لاحقه. ولذا قال صلىاللهعليهوآله : « الندم توبة ». (١)
وإليه نظر من حدّها بأنّها ذوبان الحشا لما سبق من الخطا ، ومن قال إنّه نار تلتهب وصدع في الكبد لاينشعب.
وباعتبار معنى الترك قيل : إنّها خلع لباس الجفاء ونشر بساط الوفاء.
وما يقال من أنّ الندم غير مقدور إذ كثيراً ما يقع على أمور في القلب لايريد أن يكون كذلك ، والمقدور أسبابها أعني العلم المزبور ، فلايكون داخلاً في حقيقتها لأنّها مقدورة حيث أمر بها ، ضعيف لأنّ ماله سبب مقدور يكون مقدوراً كما تبيّن في محله.
ثم التوبة لايكون الا عن ذنب سابق والا كان تقوى وورعاً ، ولذا لايصحّ أن يقال إنّ النبي صلىاللهعليهوآله تائب عن الشرك ، ولا إشكال في توبة من لايقدر على الإتيان بها في المستقبل إن فسّرناها بالندم خاصّة ، كما هو الظاهر ، فإنّ عدم ترتّب بعض الثمرات لاينافي ثبوت الحقيقة مع ترتّب بعض آخر عليها كالتلافي بالتضرّع والطاعة ، وكذا إن فسّرت بالمجموع ، لأنّ جزءها العزم على الترك مطلقاً ، فإنّ عدم كونه اختيارياً يجامع كون العزم عليه اختيارياً أي لو كان قادراً على الفعل ، فلا حاجة إلى تقييده بترك ماسبق مثله وتعميم المثل بالنسبة إلى الصورة والمنزلة كما قيل (٢) ، لعدم تبادره من اللفظ ، بل مخالفته لظواهر بعض الأخبار.
__________________
١ ـ بحار الأنوار : ٧٧ / ١٥٩ ، المحجة البيضاء : ٧ / ٥.
٢ ـ جامع السعادات : ٣٣ / ٥٢ ـ ٥٣.