أو دفعها أو تكون له مع عدم التمكّن منها يكون قضيّة التوكّل فيه ترك السعي فيه بالتدبير والتحمّل والحوالة إليه تعالى رأساً ، ومالم يكن خارجاً عنها بحصول ما يتمكّن منه من الأسباب القطعية أو الظنية ، أو إمكان التوصّل إليه فالسعي فيه لاينافيه بشرط أن يكون وثوقه به تعالى في حصوله لا بتلك الأسباب ، فترك الكسب والتدبير والسقوط على الأرض كالخرقة الملقاة بعيد عن الحقّ ، بل محرّم في ظاهر الشريعة لثبوت التكليف بطلب الرزق بالزراعة أو التجارة أو الصناعة ، وإبقاء النسل بالتزويج وغيره ، ودفع الأشياء الموذية بما عيّن له عادة ، فإنّها أسباب جرت عادة الله بترتيب المسبّبات عليها كجريان عادته بحصول التقرّب إليه بالعبادة ونحوها.
نعم ينبغي عدم الاتّكال في حصولها عليها ، بل عليه تعالى والاعتماد على فضله ورحمته وعدم السكون إليها ، بل إلى قدرته وحكمته بتجويز قطعه تعالى الأسباب عن مسبّباتها وإعطائه السمبّبات من دون أسبابها ، وهذا في الأسباب القطعيّة أو الظنّية المطّردة النادرة التخلّف كمدّ اليد إلى الطعام للوصول إلى فيه وحمل الزاد للسفر وتحصيل بضاعة المتجر والوقاع للأولاد واتّخاذ السلاح للعدوّ والتداوي عن المرض وأمثاله.
ولاينافيه التوكّل لما عرفت ، ولذلك قال النبي صلىاللهعليهوآله للأعرابي لمّا أهمل بعيره وقال : توكّلت على الله : « اعقلها وتوكّل ». (١)
وقال الله تعالى : ( خذوا حذركم ) (٢) ( وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ). (٣)
( وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل ). (٤)
__________________
١ ـ المحجّة البيضاء : ٧ / ٤٢٦.
٢ ـ النساء : ٧١.
٣ ـ النساء : ١٠٢.
٤ ـ الأنفال : ٦٠.