الشكر والسرور. (١)
وقلب العبد أشدّ قسوة من الحجارة ، ولاتزول الا بالبكاء.
وأوحى الله تعالى إلى داود : « أنّي رضيت بالشكر مكافاة لأوليائي ». (٢)
ولما نزل في ادّخار الأموال ما نزل قالوا للنبي صلىاللهعليهوآله : فماذا نتّخذ؟ فقال : « ليتّخذ أحدكم لساناً ذاكراً وقلباً شاكراً ». (٣)
وعن ابن مسعود : الشكر نصف الايمان. (٤)
ثم الشكر حالة مستفادة من علم مثمرة لعمل.
أمّا العلم فهو العلم بحقيقة النعمة ووصفها في حقّه ، وذات المنعم وصفاته التي بها يتمّ الإنعام ، وهذا في حقّ الغير.
وأمّا في حقّه تعالى فبالتوحيد الفعلي المشار إليه ، فإنّ من أنعم عليه الملك بشيء فإن رأى لوزيره مثلاً دخلاً في تيسيره وإيصاله كان إشراكاً له في نعمته فلم يرها منه من كلّ وجه ويتوزّع فرحه عليهما ، وإن رآها بتوقيعه المكتوب بالقلم والكاغذ مع العلم بأن ليس لهما مدخل فيه فلا يفرح منهما لعلمه بأنّهما مسخّران تحت حكمه مضطرّان إلى قدرته فيرى الوزير والخازن كالكاغذ والقلم في ذلك فلم يورث ذلك شركاً في توحيده في إضافة النعمة إليه ، فكذا لو علمت أنّ جميع الأفعال صادرة عن الله وأنّ كلّ شيء مسخّر بيد قدرته حتى من له اختيار من العباد وأنّ من يحسن إليك فإنّما يحسن بأسباب مخلوقة من الله فيه كالإرادة وتهييج المحبّة والإلقاء في قلبه أنّه خير له في دنياه أو آخرته ، فقد أعطاك وأحسن إليك لغرض نفسه ، ولو لم ير فيه نفعاً لنفسه لما نفعك فليس منعماً عليك ، بل المنعم مسخّر القلوب ومحبّبك
__________________
١ ـ المحجّة البيضاء : ٧ / ١٤٢.
٢ ـ المحجّة البيضاء : ٧ / ١٤٣ ، وفيه : « إلى أيّوب » و « من أوليائي ».
٣ ـ المحجّة البيضاء : ٧ / ١٤٣.
٤ ـ المحجّة البيضاء : ٧ / ١٤٣.