خطرة أو خطوة أو لحظة لأنّ كلّ ذلك مسؤول عنه يوم القيامة ، فمن تطيّب بطيب يمكنه أن يقصد التنعّم بلذّات الدنيا الذي هو مباح أو التفاخر بكثرة المال أو رياء الخلق ليتحبّب به إلى الناس أو يتودّد به إلى قلوب النساء الأجنبيّات ونحو ذلك من الأغراض الفاسدة التي تجعل الفعل معصية أنتن من الجيفة ، أو اتّباع سنّة الرسول صلىاللهعليهوآله وتعظيم المسجد واحترام بيته تعالى وترويح جيرانه ليستريحوا من روائحه في المسجد ونحوه ودفع الروائح الكرية المؤدّية إلى إيذاء الناس ومعالجة دماغه ليزيد به ذكاءه ويسهل عليه الفكر ونحو ذلك ، ولذلك قيل : « [ إنّي ] لاستحبّ أن يكون لي نيّة في كلّ شيء حتّى الأكل والشرب والنوم ودخول الخلاء » (١) ونحوها ، إذ كلّ ذلك إنما يمكن أن يقصد به وجه الله تعالى كالتقوّي على العبادة من الأكل ، وتحصين دينه وتطييب قلب أهله وحصول ولد يعبد الله ويكثر به أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله من الجماع.
فإيّاك أن تستحقر شيئاً من حركاتك وسكناتك ، فلا تحترز من غرورها وشرورها ولاتعدّ جوابها يوم السؤال والحساب ، فإنّ الله مطّلع عليك وشهيد. ( ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد ). (٢)
فراقب أحوالك ولا تسكن ولا تتحرّك مالم تتأمّل أوّلاً أنّك لم تتحرّك ولم تسكن وماذا تقصد وما الذي تنال به من الدنيا وما يفوتك به من الآخرة وبماذا ترجّح الدنيا على الآخرة ، فإذا علمت أنّه لا باعث الا الدين فامض على عزمك ، وراقب أيضاً قلبك في إمساكك وتركك ، فإنّ ترك الفعل أيضاً فعل ، ولابدّ أيضاً له من نيّة صحيحة ، فلا يكون لداعي هوى خفيّ لاتطّلع عليه ولاتغرّنك ظواهر الأمور.
فقد روي أنّ زكريّا عليهالسلام كان يعمل بالطين في حائط وكان أجير القوم
__________________
١ ـ المحجّة البيضاء : ٨ / ١١٩.
٢ ـ ق : ١٨.