فيحصل للعبد بالتفطّن لهذه الإشارات حالة الاقبال إلى العبادات والتدارك لما فات.
وقد ورد عن مولانا الصادق عليهالسلام في مصباح الشريعة ما يستنبط منه هذه الإشارات مع زيادات أخر تظهر على من راجعه.
وقال الرضا عليهالسلام : « إنّما أمر العبد بالوضوء ليكون طاهراً إذا قام بين يدي الجبّار عند مناجاته بين يديه تعالى ، مطيعاً له فيما أمره ، نقيّاً عن الأدناس والنجاسة ، مع ما فيه من ذهاب الكسل وطرد النعاس وتزكية الفؤاد للقيام بين يدي الجبّار ، وانّما وجب على الوجه واليدين والرأس والرجلين ، لأن العبد إذا قام بين يديه تعالى فإنّما ينكشف عن جوارحه ويظهر ما وجب فيه الوضوء وذلك أنّه بوجهه يسجد ويخضع ، وبيده يسأل ويرغب ويرهب ويتبتّل ، وبرأسه يستقبله في ركوعه وسجوده ، وبرجليه يقوم ويقعد.
وأمر بالغسل من الجنابة دون الخلاء لأنّ الجنابة من نفس الإنسان وهو شيء يخرج من جميع جسده ، والخلاء ليس من نفس الانسان ، إنّما هو غذاء يدخل من باب ويخرج من باب ». (١)
ولطهارة البدن عن الفضلات كشعر الرأس بالحلق وشعر الأنف والحاجب وما طال من اللحية بالقصّ ، وشعر الإبط والعانة وسائر الأعضاء بالنورة ، وأظفار اليدين والرجلين بالقلم ، وما يجتمع من الوسخ والقمّل في شعر الرأس واللحية بالغسل والتسريح بالمشط ، وما يجتمع من الوسوخ في معاطف الأذنين بالمسح ونحوه ، وما يجتمع على الأسنان وأطراف اللسان بالسواك والمضمضة ، وفي الأنف من الرطوبات الملتصقة بالاستنشاق ، وما في رؤوس الأنامل ومعاطف ظهورها عقيب الأكل بالغسل وما يجتمع على البدن من الوسخ الحاصل من العرق والغبار ونحوهما بدخول الحمّام ، التذكّر لسرّها أوّلاً ، فإنّه يوجب تنوير القلب وانشراح الصدر وطرد
__________________
١ ـ المحجّة البيضاء : ١ / ٣٠٨ نقلاً عن علل ابن شاذان ( عيون أخبار الرضا عليهالسلام : الباب ٣٤ ).