غير قادرة على نفع أو ضرّ فيتولّد منها الاستكانة والانكسار والخشوع ، ويعبّر عنها بالتعظيم ، ولا يتحقّق بدون انضمام الثانية إلى الأولى ، إذ من استغنى عن غيره وأمن منه على نفسه لم يعظّمه ولم يخشع له ، وإن عرف جلاله وعظمته.
وأمّا الهيبة والخوف فحالة للنفس تتولّد من المعرفة يقدرته وسطوته ونفوذ مشيّته فيه ، وأنّه لو أهلك الأوّلين والآخرين لم ينقص من ملكة شيء مع تذكّر ما جرى على الأنبياء والأوصياء من المصائب وأنواع البلاء مع قدرته على دفعها ، فكلّما ازداد العلم بالله وصفاته وأفعاله زادت الخشية والهيبة.
وأمّا الرجاء فسببه معرفة لطف الله وإكرامه وعميم إحسانه وإنعامه ولطائف صنعه ومعرفة صدقه في وعده الجنّة بالصلاة ، فإذا حصل اليقين بوعده ولطفه انبعث الرجاء.
وأمّا الحياء فسببه استشعار القصور في المعرفة والتقصير في الطاعة وعلمه بالعجز عن القيام بتعظيم حقّ الله ، ويقوى ذلك بمعرفة عيوب النفس وآفاتها وقلّة إخلاصها وخبث باطنها وميلها إلى الحظّ العاجل في جميع أفعالها مع علمها بجميع ما يقتضيه جلال الله وعظمته واطلاعه على السرائر وخطرات الضمائر وإن كانت خفيّة ، فبعد حصول هذه المعارف ينبعث الانفعال والحياء ضرورة.
ثم العلاج في تحصيل هذه الأسباب يتمّ بتحصيل معرفة الله وجلاله وعظمته واستناد الأشياء باسرها إليه وعلمه بكلّ شيء ، ولابدّ من كونها يقينيّة ليترتّب عليها الأثر ، إذ مالم يحصل اليقين بأمر لايحصل التشمّر في طلبه والهرب عنه ، وهذه المعرفة يعبّر عنها بالإيمان ، ثمّ تفريغ القلب عن مشاغل الدنيا ، إذ لا ينفكّ العارف المذكور عن المعاني المذكورة الا لتفرق الفكر وغفلة القلب الغير الحاصلين الا من الخواطر الرديّة الشاغلة فالدواء في الإحضار بعد المعرفة المذكورة رفع تلك الخواطر بدفع أسبابها وهي إما