لسانك قلبك ويشهد الله تعالى بكذبك ، وإن كنت صادقاً في كلامك كما شهد على المنافقين في إثبات الرسالة النبي صلىاللهعليهوآله ، وإن كان هواك أغلب عليك من أمر الله ونفسك أطوع له منه فهواك إلهك وهو الأكبر عندك ، فقولك : « الله أكبر » مجرّد قال باللسان ، وما أعظم خطره لولا التوبة والإذعان حسن الظنّ بالله في الكرم والإحسان والجود الامتنان.
قال الصادق عليهالسلام : « إذا كبّرت فاستصغر ما بين [ السماوات ] العلى والثرى دون كبريائه ، فإنّ الله إذا اطّلع على القلب وهو يكبّر وفي قلبه عارض عن حقيقة تكبيره قال : يا كاذب أتخدعني؟ وعزّتي وجلالي لأحرمنّك حلاوة ذكري ولأحجبنّك عن قربي والمسارّة بمناجاتي ». (١)
فاعتبر قلبك حين صلاتك ، فإن وجدت لذّة المناجاة فاعلم أنّه قد صدّقك في تكبيرك والا فقد كذّبك وطردك من بابه وأبعدك عن جنابه ، فابك بكاء الثكلى على حرمانك عن الدرجات العلى ، وعالج نفسك قبل أن يبدرك الحسرة العظمى.
وأمّا دعاء الاستفتاح فمعلوم أنّ المراد منه وجه القلب دون الظاهر لتنزّهه عن الجهات ، فقد ادّعيت التوجّه القلبي إلى فاطر الأرضين والسماوات ، فإيّاك أن يكون أوّل افتتاحك بالكذب في المناجاة فاجتهد في إقبالك عليه ولو في هذا الوقت خاصّة من بين سائر الأوقات.
وإذا قلت : « حنيفاً مسلماً » ، فليخطر ببالك أنّ المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه ، فإن لم تكن كذلك كذبت أيضاً ، فلا أقلّ من الندم على سابق الأحوال والعزم على ذلك في الاستقبال.
وإذا قلت : « وما أنا من المشركين » فليخطر ببالك الشرك الخفّي وكونه داخلاً في الشرك ، إذ يطلق على القليل والكثير ، فلو قصدت بجزء من عبادتك غيره تعالى من مدح الناس وطلب المنزلة في قلوبهم كنت مشركاً
__________________
١ ـ مصباح الشريعة : الباب ١٣ ، في افتتاح الصلاة ، وما بين المعقوفتين في المصدر.