كاذباً في كلامك فانفه عن نفسك واستشعر الخجالة في قلبك إن وصفت نفسك بما ليست متّصفة به في الواقع.
وإذا قلت : « محياي ومماتي لله ربّ العالمين » ، فاعلم أنّه حال مفقود بنفسه ، فان بذاته موجود بسيّده ، باق بربّه ، فإن رأى لنفسه قدرة وأثراً وفعلاً من الرضاً والغضب والقيام والقعود والرغبة في الحياة والخوف من الموت كان كاذباً.
فإذا قلت : « أعوذ بالله من الشيطان الرجيم » فاعلم أنّ الشيطان أعدى عدوّك مترصّد لصرفك عن الله ويحسدك في مناجاتك وسجودك له لصيرورته طريداً لأجل ترك السجود ، ولاينفع في دفع شره مجرد القول كما لاينفع في دفع شرّ مجرد القول كما لاينفع في دفع شرّ السبع الذي يقصدك أن تقول : أعوذ منك بهذا الحصن الحصين وأنت ثابت على مكانك غير متحرّك إلى الحصن ، بل لابدّ في الاستعاذة من ترك مايحبّه عدوّك من الشهوات ، والإتيان بما يحبّه الله من الطاعات ، فليقترن تعوّذك بالحصن الذي هو كلمة التوحيد ، كما ورد في الخبر بالعزم الثابت واليقين الشهودي بأنّ كلّ شيء منه وله وبه وإليه وأن لا فاعل ولا مؤثّر الا هو بحيث يترتّب عليه أثر الشهود من الرضا والتوكّل وسائر المقامات اللازمة له ، فإنّه الحصن حقيقة.
وأمّا من اتّخذ إلهه هواه فهو في ميدان الشيطان دون حصن الرحمن ، وإن حدّث نفسه بذلك.
وإذا قلت : « بسم الله الرحمن الرحيم » ، فانو به التبرّك لابتدائك بقراءة كلام الله ، والمراد بالاسم هنا المسمّى ، فمعناه كون كلّ الأمور بالله فيتفرّع عليه انحصار الحمدلله ، إذ المراد منه الشكر والشكرعلى النعم ، فإذا كانت كلّها من الله انحصر الشكر له ، فمن يرى نعمة من غير الله أو يقصد غيره تعالى فشكره لا من حيث كونه مسخّراً لله ففي تسميته وتحميده نقصان بقدر التفاته إلى الغير.