فهذا حقّ القراءة والأذكار والتسبيحات ، والناس فيها على ثلاث مراتب :
حركة اللسان مع غفلة القلب ، ثم متابعة القلب له كما يسمع من الغير إذا خاطب شيء وهودرجة أصحاب اليمين.
ثم متابعة اللسان للقلب فيسبق المعاني إلى القلب ثم يترجمه اللسان ، وفرق بين كون اللسان ترجمان القلب أو معلّمه ، وهو درجة المقرّبين.
ولابدّ من مراعاة الترتيل وترك التعجيل والتفرقة بين آيات الوعد والوعيد والرحمة والعذاب.
ثم إذا ركعت فجدّد ذكر كبريائه وجلاله وارتفاعه من أن يصل إليه أيدي العقول مستجيراً بعفوه من عقابه ، وبالهويّ ذلك وانكسارك فترققّ قلبك وتزيد في خشوعك وتستعين على تقريره في القلب باللسان وتكرّره على القلب لترسخ فيه عظمته وجلاله ، وتذكر مؤاخذته لك عن أداء حقوق نعمائه وسؤاله عنك وعجزك عن الجواب فتهوي حياء ، ثم بعد ذلك ترفع رأسك راجياً منه الرحمة والعفو مؤكّداً له في قلبك بقولك : سمع الله لمن حمده ، وتتبعه بالشكر المستلزم للمزيد فتقول : الحمدلله ربّ العالمين.
وعن علي عليهالسلام في مدّ العنق في الركوع : « آمنت بك ولو ضربت عنقي ». (١)
وقال الصادق عليهالسلام : « الركوع أدب ، والسجود قرب ، من لايحسن الأدب لايصلح للقرب ، فاركع ركوع خاضع لله بقلب متذلّل وجل تحت سلطانه ، خافض له بجوارحه خفض خائف حزن على ما يفوته من فائدة الراكعين ». (٢)
فإذا سجدت جدّد على قلبك غاية الذلّ والعجز والانكسار ، لأنّه أعلى
__________________
١ ـ الفقيه : ١ / ٣١١ ، باب وصف الصلاة ، ح ٩٢٧ ، وفيه : أمنت بالله.
٢ ـ مصباح الشريعة : الباب ١٥ ، في الركوع ، مع اختلاف.