الجمال المعنوي هي وجوب الوجود وكمال العلم والقدرة المنحصرة في الله تعالى ، فحبّ الجمال الناقص الصوري إذا كان ضرورياً لاينفكّ عنه عاقل فحبّ الجمال الأقوى الأكمل أحقّ وأحرى بل لا محبوب الا هو حقيقة.
باده خاك آلودتان مجنون كند |
|
صاف اگر باشد ندانم چون كند |
سيّما مع ماعرفت من استناد كلّ جمال صوري ومعنوي إليه تعالى ورجوع كلّ كمال وحسن وبهاء إليه وتفرّه عليه ، فكل محبّ لجميل محبّ في الحقيقة لمن هو خالق الجميل ، الا أنّه محتجب تحت حجب الأسباب غير شاعر لأجل ذلك بما هو الأصل في الإحباب.
هذا ، مع أنّ عمدة جمال المخلوق علمه بالله وبصفاته وأفعاله وقدرته على إصلاح نفسه وتسخيرها تحت عاقلته بالتخلية عن الرذائل والتحلية بالفضائل وإصلاح غيره بالهداية والإرشاد والنصح والسياسة ، وكلّها إضافات إليه تعالى ، فيرجع حبّها إلى حبّه تعالى.
وأمّا المناسبة الخفيّة والمجانسة المعنوية فقد تبيّن لك فيما سلف أنّ للنفس الناطقة التي هي من عالم أمره وشعلة من مشاعل جلاله ونوره وبارقة من بوارق جماله وظهوره مناسبة مجهولة مع بارئها ، ولذا استحقّت خلافته تعالى.
وورد في الخبر : « انّ الله خلق آدم على صورته » (١) ولأجلها تنقطع إليه تعالى عند انقطاع حيلتها في الحوادث النزلة بها ، وقد تظهر هذه المناسبة الخفيّة بالمواظبة على النوافل بعد إحكام الفرائض.
وهذا موضع زلّت فيه أقدام أولي النهى والأحكام وتحيّرت فيه أفهام أولي البصائر والأفهام ، فوقعوا في الحلول والاتّحاد أو التشبيه تعالى الله عن ذلك ، وقلّ من وقف واستقام على الصراط المستقيم الا من اعتصم بحبل الله وفاز بقلب سليم.
__________________
١ ـ إحياء العلوم : ٢ / ١٦٨ وراجع توحيد الصدوق : ص ١٥٢ ـ ١٥٣.