جهل منهم بالمدركات العقليّة وقصور منهم على القشور الحسيّة ، فكيف يمكن لهم إدراك هذه المقامات العالية؟
الأنس بالله لايحوية بطّال |
|
وليس يدركه بالحول محتال |
والآنسون رجال كلّهم نجب |
|
وكلّهم صفوة الله عمّال |
والكلمات الدالّة على طلب الانس من سادتنا الأطيبين سلام الله عليهم ممّا لايحصى.
إنارة
قيل : إذا استحكم الأنس وغلب على القلب ولم يشوّشه قلق الشوق ولا خوف الحجاب والبعد أثمر نوعاً من النبساط والإدلال في الأقوال والأفعال والمناجاة مع الملك المتعال ، وقد ينكر بحسب الصورة لما فيه من الجرأة ، لكنّه محتمل ممّن أقيم ذلك المقام ، ومن لم يصل إليه وأراد التشبيه به في الفعل والكلام هلك وكفر ، ومثاله مناجاة برخ الأسود الذي أمر الله تعالى كليمه عليهالسلام في سبعين ألفاً للاستسقاء فأوحى الله تعالى : كيف أستجيب لهم وقد أظلمت عليهم ذنوبهم ، يدعونني على غير يقين ويأمنون مكري ، ارجع إلى عبد من عبيدي يقال له : برخ ، فقل له يخرج حتّى أستجيب له ، فسأل عنه موسى عليهالسلام فلم يعرف ، فبينما هو ذات يوم في الطريق إذاً بعبد أسود قد استقبله وبين عينيه تراب من أثر السجود في شملة قد عقدها على عنقه ، فعرفه موسى بنور الله تعالى فسلّم عليه وقال : ما اسمك؟ قال : برخ ، فقال : أنت طلبتنا منذ حين اخرج بنا فاستسق لنا ، فخرج وقال في كلامه : « ما هذا من فعالك؟ وما هذا من حلمك؟ وما الذي بدالك؟ أنقصت عيونك أم عاتت الرياح عن طاعتك؟ أم فقد ما عندك ، أم أشتدّ غضبك على المذنبين؟ ألست كنت غفّاراً قبل خلق الخاطئين خلقت الرحمة وأمرت بالعطف؟ أم ترينا أنّك ممتنع أم تخشى الفوت فتعجل