فإن كان يحبّ أهل طاعته ويبغض أهل معصيته ففيك خير ، والله يحبّك ، وإن كان يبغض أهل طاعة الله ويحبّ أهل معصيته فليس فيك خير ، والله يبغضك ، والمرء مع من أحبّ » (١).
وقال عليهالسلام : « لو أنّ رجلاً أحبّ رجلاً لله أثابه الله على حبّه إيّاه وإن كان المحبوب في علم الله من أهل النّار ، ولو أنّ رجلاً لبغض رجلاً لله لاثابه الله على بغضه إيّاه ولو كان المبغض في علم الله من أهل الجنّة » (٢).
وقال الصادق عليهالسلام : « [ كلّ ] من لم يحبّ على الدين ولم يبغض على الدين فلا دين له » (٣).
والأخبار أكثر من أن تحصى ، ذكرنا هذا القدر تبرّكاً.
واعلم أنّ الحبّ بين إنسانين يحصل غالباً بمجرّد الصحبة الاتفاقيّة كصحبة الجار وأهل سوق واحد ، أو مدرسة واحدة ، أو سفر واحد ، أو خدمة سلطان أو غير ذلك ، وظاهر أنّ أمثال هذه لاتعدّ من الحبّ في الله ، بل هو الحبّ الاتّفاقي ، وربما يحصل من سبب وباعث آخر ، وهو على أقسام أربعة أشرنا إليها في صدر المبحث.
أحدها : الحبّ لذاته لاليتوصّل إلى أمر محبوب ومفقود وراءه ، بل يلتذّ برؤيته ومعيّته ومشاهدة أخلاقه استحساناً منه له ، لما عرفت من لذّة الجمال في حقّ من أدركه ، واللذّة فرع الاستحسان ، وهو فرع المناسبة والملائمة بين الطّباع ، والمناسبة إمّا ظاهرة كجمال الصورة ، أو كمال العقل والعلم وحسن الأفعال والأخلاق ، وإمّا خفيّة معنويّة بين شخصين بخصوصهما ، فكثيراً ما يستحسن رجل آخر من غير حسن ظاهر فيه بوجه من الوجوه ، بل لمناسبة باطنيّة أو جبت إلفهما ، فإنّ شبه الشيء ينجذب إليه
__________________
١ ـ الكافي : / ١٢٦ ـ ١٢٧ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الحبّ في الله والبغض في الله ، ح ١١.
٢ ـ الكافي : ٢ / ١٢٧ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الحبّ في الله والبغض في الله ، ح ١٢.
٣ ـ الكافي : ٢ / ١٢٧ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الحبّ في الله والبغض في الله ، ح ١٦.