« إنّ للمؤمن على أخيه ثلاثين حقّاً لابراءة له منها الا بادائها أو العفو : يغفر زلّته ، وليرحم غربته ، ويستر عورته ، ويقيل عثرته ، ويقبل معذرته ، ويردّ غيبته ، ويديم نصيحته ، ويحفظ خلّته ، ويرعى ذمّته ، ويعود مرضته ، ويشهد ميتته ، ويجيب دعوته ، ويقبل هدّيته ، ويكافيء صلته ، ويشكر نعمته ، ويحسن نصرته ، ويحفظ حليلته ، ويقضي حاجته ، ويشفع مسالته ، ويسمت عطسته ، ويرشد ضالّته ، ويردّ سلامه ، ويطّيب كلامه ، ويبرّ إنعامه ، ويصدّق إقسامه ، ويواليه ، ولا يعادية ، وينصره ظالماً فيردّه عن ظلمه ، وينصره مظلوماً فيعينه على أخذ حقّه ، ولايسلمه ، ولا يخذله ، ويحبّ له من الخير ما يحبّ لنفسه ، ويكره له من الشرّ ما يكره لنفسه ». (١)
وثالثها : ما يجب مراعاته بينه وبين أمواتهم ، كأداء الديون وإنفاذ الوصايا والصدقة والدعاء.
تفريع
قد تلخّص ممّا ذكرناه أنّ سالك سبيل العدالة لابدّ له من المجاهدة حتّى يغلب عقله على جميع قواه ، فيستعمل كلاً منها فيما فيه صلاحه وكماله ، فلا يفسد النظام البشري ، إذ لوتهاجت وتغالبت ولم يقهرها قاهر حدثت أنواع الفساد ، وأنّ من لم يصر كذلك لم يتمكّن من إجراء أحكامها بين شركائه في التمدّن ، إذ العاجز عن نفسه كيف يصلح غيره؟ والشمع الذي لا يضيء القريب كيف يستضيء منه البعيد؟ فمن استقرّ على جادة الوسط في جميع صفاته وأفعاله وأعماله كان خليفة الله في بلاده حاكماً بين عباده ، فإذا أطاعوه وسلموا إليه الأمر وانقادوا له تنوّرت به البلاد وزادت به البركات وانتظم به كلّ الأمور ، أذ بعدالة من إليه زمام أمورهم يتمكّن كلّ أحد من رعاية العدالة لتوقّف تحصيل المعارف الحقّة والأخلاق الفاضلة غالباً على
__________________
١ ـ البحار : ٧٤ / ٢٣٦ ، كتاب العشرة ، باب حقوق الإخوان ، ح ٣٦ ، مع اختلاف.