العاقلة ، فإنّها مبادي اليقينيات كالعقول والنفوس المجرّدات ، والنظر إليها بعين الغفلة الحادثة منه الشبهة والوسوسة ، لكونها مبادي السفسطيات كالشياطين والنفوس الخبيثة ، وكالايمان والطاعة والانقياد لكلام الله تعالى والرسول صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام ، والكفر والجحود لما ورد عنهم من آثار الحكمة ، وكتحصيل العلوم المفيدة الباحثة عن الأعيان الرشيفة والموضوعات العالية ، وما هي من قبيل السفسطة ، أو أنواع الادراكات المؤدّية إلى المكر والحيلة والخدعة في الأمور الدنيويّة.
ثمّ علاج القسم الثاني أن يتذكّر لسوء عاقبة المعصية ، وعظيم حقّ الله سبحانه ، وجسيم ثوابه ، وأليم عقابه ، فإذا عرفها بنور الايقان بعد عن وسواس الشيطان ، لأنّ نيّرات البراهين بمنزلة الشهب الثاقبة للشياطين.
وأمّا الأوّل فدفعه مشكل ، بل قطعه بالكلّية متعذّر الا لمن وفّق لمرتبة الفناء المحض في الله تعالى وقطع العلائق الدنيوية باسرها ، وامتلأ قلبه من حبّ الله وأنسه وجلاله وعظمته ، واستغرق في بحر كبريائه ، فلا يبقى للشيطان مجال فيه.
وأمّا من كان قلبه فارغاً عنه تعالى ولو في بعض الأحيان ، فلا محالة يدخل فيه الشيطان كدخول الهواء في الاناء الخالي عن الماء.
( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيّض له شيطاناً فهو له قرين ). (١)
فهذا القسم وإن أمكن معالجته ببقطع العلائق كلها والتجرّد والانزواء والتفكّر في عجائب صنع الله تعالى ، أو الأذكار والأوراد مع التوجّه القلبي إليها ، لكن لامخلص له مع ذلك من اختلاساته الحاصلة احياناً من حادث يشغله عن فكره وذكره ، كمرض وخوف أو حفض ما يحتاج إليه في معيشته.
ثمّ إنّ محصّل العلاج المذكور ثلاثة أشياء :
سلب الرذائل باسرها ، فإنّها الأبواب التي تدخل منها الشياطين في
__________________
١ ـ الزخرف : ٣٦.