المعتزلة والأشاعرة بأنّ العلم بالاستقبال علم بالحال إذا وجد فقد أحال وإلّا لقام مقامه ، ولأنّ الأوّل غير مشروط بالوقوع بخلاف الثاني.
أقول :
هذا جواب الشبهة الثالثة (١) ، وقد اختلف المتكلّمون في الجواب فقال قوم : إنّ التغيّر في التعلّقات ، وهو مذهب أبي الحسين ، ويجعل العلم صفة حقيقية (٢) تستلزم التعلّق بالمعلوم وعند تغيّر المعلوم يتغيّر التعلّق (٣) ولا يتغيّر العلم الذي هو الصفة الحقيقية كالقدرة على تحريك جسم ، فإنّه إذا عدم الجسم كان القادر قادرا على تحريك مساويه وإن عدم التعلّق الذي بينه وبين الجسم الأوّل ، ولا يضرّ عدم الجسم الأوّل في قدرته (٤).
وهذا وإن كان أقرب ما يقال هاهنا إلّا أنّه لا يخلو من نظر ، فإنّ العلم يستدعي المطابقة فلا يتعدّد متعلّقه.
وقال آخرون ـ وهو مذهب أبي هاشم ـ : أنّ العلم بأنّ الشيء سيوجد هو بعينه علم بوجوده إذا وجد ، وبيان ذلك أنّه إذا علم (٥) أنّ عند رأس الشهر يقدم زيد ثمّ جاء رأس الشهر فإنّه يعلم بقدومه بعلمه الأوّل من غير تجدّد علم آخر (٦).
__________________
(١) تقدّمت ص ٢٨٣.
(٢) في «د» : (حقيقة).
(٣) في «د» «س» : (العلم).
(٤) المواقف للايجي ٣ : ١٠٨ ، شرح المواقف ٨ : ٧٥ ، وحكاه المصنّف في كشف المراد (تحقيق الآملي) : ٤٠٠ وص ٣١١ (تحقيق الزنجاني) ، قواعد المرام : ٩٨ ، شرح المقاصد ٢ : ٩١.
(٥) في «أ» «ف» زيادة : (العالم).
(٦) راجع مقالات الإسلاميين : ١٠٧ ، وفي الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٤٦ نسب هذا القول للجهمية.