وقد ردّ على هؤلاء القوم مقالتهم بوجهين :
الأوّل : إنّ العلم بأنّ الشيء سيوجد لو كان هو العلم بالوجود إذا وجد لقام مقامه وسدّ مسدّه ، والتالي باطل فالمقدّم مثله.
الثاني : أنّ العلم بأنّ الشيء سيوجد مشروط بالعدم الحالي ، والعلم بالوجود غير مشروط به ، فهما متغايران.
وأمّا ما ضربوه من المثال فغير صحيح لأنّ من علم أنّ عند رأس الشهر يقدم زيد لا يكفيه في علمه بقدوم زيد عند رأس الشهر إلّا أن يعلم أنّ رأس الشهر قد حصل حتّى يتجدّد له علم ثالث بمجيء زيد حتّى أنّا لو (١) فرضناه غير عالم بذلك لم يعلم بقدوم زيد إذا قدم.
قال :
وعن الرابع إنّه يكفي نوع ما من التغاير.
أقول :
هذا جواب من أحال علم الشيء بذاته بالاكتفاء بالمغايرة ولو بجهة (٢) ما (٣) ، والمغايرة هاهنا حاصلة فإنّ (٤) الذات من حيث إنّها عالمة مغايرة لها من حيث إنّها (٥) معلومة ، هكذا قالوا في هذا الموضع ، وهو ضعيف ، فإنّ العلم متوقّف على
__________________
(١) في «س» : (إذا).
(٢) في «ف» : (جهة).
(٣) تقدّم ص ٢٨٤.
(٤) في «س» : (بأنّ).
(٥) (إنّها) ليست في «ف».