وأما الأصل العملي فيختلف في الموارد فأصالة البراءة في مثل : أكرم كل عالم ، يقتضي عدم وجوب إكرام ما انقضى عنه المبدأ قبل الإيجاب كما أن قضية الاستصحاب وجوبه لو كان الإيجاب قبل الانقضاء فإذا عرفت ما تلونا عليك (فاعلم) أن الأقوال في المسألة وان كثرت إلا أنها حدثت بين المتأخرين بعد ما كانت ذات قولين بين المتقدمين لأجل توهم اختلاف المشتق باختلاف مبادئه في المعنى أو بتفاوت ما يعتريه من الأحوال ، وقد مرت الإشارة إلى أنه لا يوجب التفاوت فيما نحن بصدده ويأتي له مزيد بيان في أثناء الاستدلال على ما هو المختار وهو اعتبار التلبس في الحال وفاقا لمتأخري الأصحاب والأشاعرة وخلافا لمتقدميهم والمعتزلة ، ويدل عليه
______________________________________________________
مجاز (١) (قوله : الأصل العملي) ما تقدم كان من الأصل اللفظي (٢) (قوله : فأصالة البراءة) يعني إذا انقضى التلبس بالمبدإ أعني العلم ثم ورد : أكرم كل عالم ، فحينئذ يشك في وجوب إكرام من انقضى عنه العلم للشك في كونه عالما فيرجع إلى أصالة البراءة عن وجوب إكرامه ، ولو ورد حال التلبس : أكرم العالم ، فوجب إكرام المتلبس ثم انقضى عنه العلم فالمرجع استصحاب وجوب إكرامه للعلم بوجوب إكرامه سابقا والشك فيه لا حقا «أقول» : الأولى الرجوع في الفرض الأول إلى استصحاب عدم وجوب الإكرام عكس الفرض الثاني لا أصالة البراءة «فان قلت» : لا مجال للأصول المذكورة لجريان استصحاب كونه عالما الثابت حال التلبس فانه حاكم أو وارد عليها «قلت» : لا يصح استصحاب المفهوم المردد لأنه ليس موضوعا للأثر ولا استصحاب كل من طرفي الترديد لأن أحدهما معلوم الارتفاع ، والآخر معلوم البقاء (٣) (قوله : باختلاف مباديه) مثل التفصيل بين ما كان المبدأ من المصادر السيالة كالكلام والإخبار فلا يعتبر البقاء فيه وبين غيره فيعتبر ؛ والتفصيل بين المبادئ الحدوثية كالقيام والقعود فيعتبر البقاء فيها وغيرها فلا يعتبر (٤) (قوله : أو بتفاوت ما يعتريه) كالتفصيل بين كون المشتق محكوما عليه وكونه محكوما به فاشترط البقاء في الثاني