المقصود بعيد المسافة وكثير المئونة ليس إلا لأجل تعلق إرادته به ، وكونه مريداً له قاصداً إياه لا يكاد يحمله على التحمل الا ذلك ، ولعل الّذي أوقعه في الغلط ما قرع سمعه من تعريف الإرادة بالشوق المؤكَّد المحرّك للعضلات نحو المراد وتوهم أن تحريكها نحو المتأخر مما لا يكاد ، وقد غفل عن أن كونه محركا نحوه يختلف حسب اختلافه في كونه مما لا مئونة له كحركة نفس العضلات أو مما له مئونة ومقدمات قليلة أو كثيرة ، فحركة العضلات تكون أعم من ان تكون بنفسها مقصودة أو مقدمة له ، والجامع أن يكون نحو المقصود ، بل مرادهم من هذا الوصف في تعريف الإرادة بيان مرتبة الشوق الّذي يكون هو الإرادة وان لم يكن هناك فعلا تحريك لكون المراد وما اشتاق إليه كمال الاشتياق أمرا استقبالياً غير محتاج إلى تهيئة مئونة أو تمهيد مقدمة
______________________________________________________
له مقدمات شاقة فيتكلفها الفاعل لأجل التوصل بها إليه فهي مرادة بإرادة غيرية ناشئة من الإرادة النفسيّة لذي المقدمات مع كون ذي المقدمة متأخراً عن زمان الإرادة «أقول» : يمكن منع نشوء الإرادة الغيرية من الإرادة النفسيّة بل هي تنشأ من عنوان المقدمية لذي غرض مقصود ولو في ظرف القدرة عليه إذا كان مقدوراً ولو بعد فعل المقدمة (١) (قوله : المقصود) يعني المقصود الأصلي ، (٢) (قوله : وكونه مريداً) معطوف على أجل (٣) (قوله : لا يكاد يحمله) تلخيص بعد التفصيل (٤) (قوله : مما لا يكاد) يعني مما لا يكاد يمكن إذا كان المراد من التحريك نحو المراد التحريك نحو نفسه (٥) (قوله : كحركة نفس) يعني كما لو كان المراد نفس حركة العضلات (٦) (قوله : نحو المقصود) هذا ليس بجامع بين فردي الحركة بل يتحد مع الثاني لا غير والجامع هو الحركة المقصودة نفسياً أو غيريا ، ولازم هذا البيان انتفاء الإرادة مع عدم الحركة أصلاً كما لو كان المراد متأخراً وليس له مقدمات (٧) (قوله : بيان مرتبة الشوق) يعني بيان أن الإرادة مرتبة أكيدة من الشوق تبعث على حركة العضلات نحو المراد