ضرورة أن شوقه إليه ربما يكون أشد من الشوق المحرك فعلا نحو أمر حالي أو استقبالي محتاج إلى ذلك. هذا ـ مع أنه لا يكاد يتعلق البعث إلا بأمر متأخر عن زمان البعث ضرورة أن البعث إنما يكون لإحداث الداعي للمكلف إلى المكلف به بأن يتصوره بما يترتب عليه من المثوبة وعلى تركه من العقوبة ، ولا يكاد يكون هذا إلا بعد البعث بزمان فلا محالة يكون البعث نحو أمر متأخر عنه بالزمان ولا يتفاوت طوله وقصره فيما هو ملاك الاستحالة والإمكان في نظر العقل الحاكم في هذا الباب ، ولعمري ما ذكرناه واضح لا سترة عليه والإطناب إنما هو لأجل رفع المغالطة الواقعة في أذهان بعض الطلاب (وربما) أشكل على المعلق أيضاً بعدم القدرة على المكلف به في حال البعث مع أنها من الشرائط العامة (وفيه) أن الشرط إنما هو القدرة على الواجب في زمانه لا في زمان الإيجاب والتكليف غاية الأمر يكون من باب الشرط المتأخر وقد عرفت بما لا مزيد عليه انه كالمقارن من غير انخرام للقاعدة العقلية أصلا فراجع (ثم) لا وجه
______________________________________________________
في وقته حالياً كان أو استقبالياً ، هذا ولكن في كون الإرادة من مراتب الشوق الأكيدة تأمل ظاهر فانه ربما يكون الشوق إلى المستحيل أقوى بمراتب كثيرة من الشوق إلى المقدور ولا يكون الأول مراداً مع كون الثاني مراداً بل هي صفة أخرى في النّفس زائدة على الشوق يكون هو من مباديها (١) (قوله : ضرورة أن) تعليل لقوله : هو الإرادة وان لم ... إلخ (٢) (قوله : أشد من) لكن عرفت أن الشدة مهما بلغت لا تكون إرادة ولا ملزومة لها (٣) (قوله : إلّا بأمر متأخر عن) البعث والانبعاث واحد كانا خارجيين أو اعتباريين وانما يختلفان بالاعتبار نظير الكسر والانكسار فكيف يكون البعث متقدما والانبعاث متأخراً فالمتقدم ليس إلا مبادئ البعث وانما ينتزع منها البعث في زمان الانبعاث العقلي ، وهكذا الحال في الإيجاب والوجوب ، كما أشرنا إليه سابقا (٤) (قوله : بان يتصوره) بيان للداعي (٥) (قوله : من باب الشرط المتأخر) لأن القدرة ليست شرطاً للإرادة بوجودها الخارجي بل بوجودها العلمي فإذا علم بان الشيء الكذائي