وأما الواجبات التعبدية فيمكن أن يقال بجواز أخذ الأجرة على إتيانها بداعي امتثالها لا على نفس الإتيان كي ينافي عباديتها فيكون من قبيل الداعي إلى الداعي غاية الأمر يعتبر فيها كغيرها ان يكون فيها منفعة عائدة إلى المستأجر كيلا يكون المعاملة سفهية وأخذ الأجرة عليها أكلا بالباطل ، (وربما) يُجعل من الثمرة اجتماع الوجوب والحرمة إذا قيل بالملازمة فيما كانت المقدمة محرمة فيبتني على جواز اجتماع الأمر والنهي وعدمه بخلاف ما لو قيل بعدمها وفيه (أولا) انه لا يكون من باب الاجتماع كي تكون مبتنية عليه لما أشرنا إليه غير مرة ان الواجب ما هو بالحمل الشائع
______________________________________________________
الثمرة الثالثة يعني أن القول بوجوب المقدمة لا يقتضي القول بعدم جواز أخذ الأجرة عليها لعدم الدليل على ذلك مطلقاً بل الثابت عدم جواز أخذها على الواجب فعله مجانا وحينئذ لا يجوز أخذ الأجرة عليه ولو لم نقل بالوجوب (١) (قوله : على إتيانها بداعي) يعني أن الأجرة (تارة) تبذل بإزاء نفس الفعل (وأخرى) بإزاء صدوره عن داعي امتثال الأمر ، والنحو الأول غير جائز لأنه يمنع من تحقق الإطاعة للأمر بل الفعل يكون إطاعة للمستأجر لا غير أما النحو الثاني فلا بأس به لأن المستأجر عليه الفعل عن داعي الأمر فلا بد في مقام الوفاء بالإجارة من قصد الفعل لله سبحانه ويكون الداعي إليه امره تعالى غاية الأمر يقصد صدور الفعل عن داعي الأمر بداعي أمر المستأجر فيكون من قبيل داعي الداعي ويكون الفعل واجداً لما يعتبر فيه من كونه طاعة وعبادة (أقول) : بنى على هذا جماعة من الأكابر لكنه غير واضح لأن داعي الأمر المعتبر في صدق الطاعة والعبادة يعتبر أن يكون بنحو يستحق به على الآمر الجزاء وبه يكون متقربا إليه والفعل الصادر على النحو المذكور ليس كذلك ولذا لو أمر زيد بكراً بإطاعة عمرو فأطاعه لم يستحق على عمرو ثوابا أصلا ولا يكون إلا مستحقا على زيد لا غير لأنه إطاعة له دون عمرو ، ولأجل هذا ونحوه كانت أوامر الإطاعة إرشادية لا مولوية كما أشرنا إليه سابقا وأوضحناه في محله وكفى شاهداً بما ذكرنا ما في مرتكز المتشرعة من كون العبادة