(قلت) : التمانع بمعنى التنافي والتعاند الموجب لاستحالة الاجتماع مما لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه إلّا انه لا يقتضي إلا امتناع الاجتماع وعدم وجود أحدهما الا مع عدم الآخر الّذي هو بديل وجوده المعاند له فيكون في مرتبته لا مقدماً عليه ولو طبعاً والمانع الّذي يكون موقوفاً على عدم الوجود هو ما كان ينافي ويزاحم المقتضي في تأثيره لا ما يعاند الشيء ويزاحمه في وجوده (نعم) العلة التامة لأحد الضدين
______________________________________________________
(١) يعني مما يدل على نفي التمانع (٢) (قوله : التمانع بمعنى التنافي) يعني أن التمانع يقال علي معنيين (أحدهما) مجرد التعاند بين الشيئين على نحو يمتنع اجتماعهما في الوجود (وثانيهما) أن يكون أحدهما مانعا عن الآخر بالمعنى المصطلح بحيث يكون لعدمه دخل في وجوده فان أريد الأول فوضوح وجوده بين الضدين مسلم لكنه لا يقتضي مقدمية عدم أحدهما للآخر كما في التناقض بين الشيئين وان أريد الثاني فهو وان كان يقتضي مقدمية عدم أحدهما للآخر إلّا ان ثبوته ممنوع (٣) (قوله : الّذي هو) يعني عدم الآخر (٤) (قوله : المعاند له) صفة لوجوده وضمير له راجع إلى وجود أحدهما (٥) (قوله : ولو طبعا) التقدم الطبعي في الاصطلاح تقدم العلة الناقصة على المعلول وأما تقدم العلة التامة فهو التقدم بالعلية (٦) (قوله : ما كان ينافي) مقتضى صيغة المانع أن يكون المراد به ما يمنع الوجود ويقتضي العدم لكن حيث أن المقرر عندهم امتناع تأثير كل من الوجود والعدم في الآخر بل العدم لا يُعلل حتى في العدم لا بد أن يكون المراد به ما له دخل في قابلية المقتضي للتأثير أو المعلول للتأثر إذ القابلية ليست وجوداً ولا عدما فانها تكون مع كل كما يفهم من قولنا : قابل للوجود والعدم ، وأما عبارة المتن فلا تخلو بظاهرها من شيء فان ما ينافي تأثير المقتضي عين ما ينافي وجود الشيء لأن تأثير المقتضي عين وجود المقتضى ـ بالفتح ـ الّذي هو الأثر فان الأثر والتأثير واحد خارجاً والاختلاف بالاعتبار كالكسر والانكسار ، ويمكن حملها على أن المانع في الاصطلاح ما لعدمه دخل في قابلية المقتضي للتأثير بخلاف الضد فان لعدمه دخلا في قابلية المقتضى ـ بالفتح ـ للوجود لكنه خلاف