أو بدونه تقصيراً فانه وإن كان متمكناً مع عدم الالتفات من قصد القربة وقد قصدها إلا أنه مع التقصير لا يصلح لأن يتقرب به أصلا فلا يقع مقرِّباً وبدونه لا يكاد يحصل به الغرض الموجب للأمر به عبادة كما لا يخفى (وأما) إذا لم يلتفت إليها قصوراً وقد قصد القربة بإتيانه فالامر يسقط لقصد التقرب بما يصلح أن يتقرب به لاشتماله على المصلحة مع صدوره حسنا لأجل الجهل بحرمته قصوراً فيحصل به الغرض من الأمر
______________________________________________________
بخلاف المقام فان نفس الفعل فيه معصية فلا يبعث إليه الأمر لأن الموجب في بعث الأمر كون ترك الفعل معصية فإذا كان تركه طاعة كيف يبعث إليه الأمر مع أنه لو فرض إمكان الانبعاث من قِبل الأمر فمجرد ذلك غير كاف في صحة العبادة ما لم يكن فعلها طاعة محضة كما سيأتي (١) (قوله : أو بدونه تقصيراً) يعني أو بدون الالتفات إلى الحرمة مع كونه مقصراً في ذلك (٢) (قوله : لا يصلح لأن يتقرب) لأنه بسبب التقصير في عدم الالتفات إلى الحرمة يكون الفعل معصية يستحق عليه العقاب وما يكون كذلك لا يصلح أن يكون مقرباً بل يكون مبعداً محضاً ، «أقول» : قد عرفت الإشارة إلى أن القرب والبعد من تبعات الطاعة والمعصية والانقياد والتجري ، وكون الفعل في نفسه صالحا للمقربية مما لا أصل له فاعتبار صلاحيته لذلك في صحة العبادة إن كان بمعنى أن لا يكون معصية فهو في محله لأنه يعتبر في العبادة أن تكون طاعة لله سبحانه محضة وان كان بمعنى آخر فقد عرفت الإشكال فيه ثبوتاً فيكون الإشكال فيه إثباتا أولى (٣) (قوله : لاشتماله على) تعليل للصلاحية للقرب لكن عرفت أن المصلحة والمفسدة الواقعيتين لا توجبان صلاحية الفعل للقرب والبعد أصلا. بل الوجه في صلاحية الفعل للمقربية بالمعنى المعتبر في صحة العبادة كونه ليس معصية من جهة عدم الالتفات الّذي هو عذر في مخالفة الحرمة (٤) (قوله : مع صدوره حسنا) يعني في الفعل ـ مضافا إلى الحسن الذاتي الناشئ من اشتماله على المصلحة حسن آخر قائم بحيثية صدوره ، (أقول) : الصدور والصادر واحد في الخارج فان أراد من الحسن القائم بحيثية الصدور