بين وجوداتها الإنشائية قبل البلوغ إليها كما لا يخفى فاستحالة اجتماع الأمر والنهي في واحد لا يكون من باب التكليف بالمحال بل من جهة انه بنفسه محال فلا يجوز عند من يجوز التكليف بغير المقدور أيضا (ثانيتها) أنه لا شبهة في أن متعلق الأحكام هو فعل المكلف
______________________________________________________
فتنافي عناوين الأحكام التكليفية وتعاندها إنما هو لتنافي ملاكاتها وإلا فلو فرض محالا كون الشيء الواحد ذا مصلحة بلا مزاحم وذا مفسدة كذلك لا بد أن تتعلق به الإرادة والكراهة معا والأمر والنهي كذلك فينتزع حينئذ منها العناوين المذكورة ولا تنافي بينها أصلا ومنه يظهر حال بقية الأحكام التكليفية فان التنافي بين الجميع لذلك فنسبة التنافي إليها إنما هي بالعرض (اما) ما هو مورد التنافي أولا وبالذات فهو الملاكات لا غير ولذلك يظهر الفرق بين اجتماع الوجوب والحرمة في موضوع واحد وبين التكليف بالمحال فان الثاني لا قصور في ملاكه فلو ثبت كان بملاك وإنما القصور في القدرة عليه لا غير والأول يمتنع لعدم الملاك حتى لو فرض محالا ثبوت القدرة على الامتثال كما أشرنا إلى ذلك في صدر المبحث أما لو كان التنافي بين نفس البعث والزجر على ما هو ظاهر المتن فيشكل الفرق بينهما إذ التنافي المذكور وان كان يوجب امتناع الجمع بينهما لكن لا يوجب الفرق لامتناع البعث إلى المحال أيضا لأن استحالة الحال عين استحالة الانبعاث إليه هي عين استحالة البعث إليه لأن البعث عين الانبعاث فإذا جاز ثبوت التكليف مع امتناع البعث إلى متعلقه جاز ثبوت الوجوب والحرمة مع امتناع اجتماع البعث والزجر فتأمل جيداً (١) (قوله : وجوداتها الإنشائية) لأن الأحكام الإنشائية إنما تُجعل على طبق مقتضياتها وان كانت مقرونة بالمانع فإذا كان في الشيء مصلحة تقتضي وجوبه ومفسدة تقتضي تحريمه يُنشأ له وجوب وحرمة معا وان كان حكمه الفعلي أحدهما أو غيرهما (٢) (قوله : من باب التكليف بالمحال) ووجهه أنه تكليف بالوجود والعدم وهما نقيضان يستحيل اجتماعهما (٣) (قوله : بنفسه محال) لما عرفت لكنه موقوف على اعتبار الملاك في الأحكام وإلا فلا تنافي بينها ويكون