والدلالة عليه بنفسه لا بالقرينة وان كان لا بد حينئذ من نصب قرينة إلا أنه للدلالة على ذلك لا على إرادة المعنى كما في المجاز (فافهم) وكون استعمال اللفظ فيه كذلك في غير ما وضع له بلا مراعاة ما اعتبر في المجاز فلا يكون بحقيقة ولا مجاز غير ضائر بعد ما كان مما
______________________________________________________
كسائر الإنشائيات التي تنشأ بالفعل تارة ، وبالقول أخرى كالمعاطاة والفسخ والرجوع في الطلاق وغيرها. نعم يعتبر في إنشائه بالفعل أن يكون بقصد الإنشاء ، فنفس الاستعمال لا بقصد إنشاء الوضع لا يكون إنشاء له. ثم إنه يمكن الإشكال في تحقق الإنشاء بالفعل كليا من جهة ان الأفعال ليست مما يُتسبب بها عند العقلاء إلى تحقق المفاهيم الإنشائية ، والأفعال في المعاطاة وغيرها مما ذُكر ليست صادرة بقصد الإنشاء بها أصلا ، بل صادرة جريا على الالتزامات النفسيّة فلا تصلح الا للحكاية عنها (ويشكل) في خصوص المقام من جهة أن قصد وضع اللفظ للمعنى يتوقف على ملاحظة كل من اللفظ والمعنى مستقلا والاستعمال يتوقف على ملاحظة اللفظ عبرة وآلة لملاحظة المعنى بحيث يكون فانيا فيه فالاستعمال الصادر عن قصد تحقق الوضع يؤدي إلى اجتماع لحاظين للفظ آلي واستقلالي في زمان واحد (فتأمل) (١) (قوله : والدلالة عليه بنفسه) كيف يمكن قصد الدلالة على المعنى بنفس اللفظ مع ان اللفظ لا يصلح لذلك إلا بالوضع (٢) (قوله : للدلالة على ذلك) أي على كون الاستعمال بقصد الحكاية عن المعنى بنفس اللفظ لا بالقرينة لكن عرفت أن مجرد ذلك غير كاف في تحقق الوضع ما لم يكن عن قصد الوضع ، فلا بد أيضا من قرينة دالة على ذلك ، وقد تفيد ذلك كله قرينة واحدة ؛ ولعله إلى بعض ما ذكرنا أشار بقوله : فافهم ، (٣) (قوله : في غير ما وضع له) إذ الوضع انما يكون بالاستعمال فالمعنى قبله غير موضوع له فلا يكون الاستعمال فيه استعمالا فيما وضع له (٤) (قوله : مراعاة ما اعتبر في المجاز) يعني من ملاحظة المناسبة بين المستعمل فيه المعنى الحقيقي فانه قد لا يكون له معنى حقيقي أصلا ، وقد يكون لكن الاستعمال بلا مناسبة أو بلا ملاحظتها (٥) (قوله : غير ضائر) خبر كون الاستعمال (٦) (قوله : بعد ما كان مما) أقول : إذا بُني على صحة الإنشاء بالفعل فلا يعتبر في صحة إنشاء