يقبله الطبع ولا يستنكره ، وقد عرفت سابقا أنه في الاستعمالات الشائعة في المحاورات ما ليس بحقيقة ولا مجاز ، إذا عرفت هذا فدعوى الوضع التعييني في الألفاظ المتداولة في لسان الشارع هكذا قريبة جداً ومدعي القطع به غير مجازف قطعاً ، ويدل عليه تبادر المعاني الشرعية منها في محاوراته ، ويؤيد ذلك أنه ربما لا يكون علاقة معتبرة
______________________________________________________
الوضع بالاستعمال أن يكون صحيحاً ، فلو فرض أن الاستعمال المذكور ليس بحقيقة ولا مجاز ولا مما يقبله الطبع أمكن إنشاء الوضع به ، فينبغي ان يكون قبول الطبع مصححا للاستعمال لا لإنشاء الوضع به ثم إن هذا الإشكال مبني على أن الوضع منتزع من مجرد الإنشاء أما لو كان منتزعا من الالتزام النفسيّ فالاستعمال يكون فيما وضع له لأنه جار على طبق ذلك الالتزام النفسيّ كغيره من الاستعمالات ، كما أن هذا الإشكال بعينه قد أورد على الفسخ بالتصرف المتوقف على الملك كوطء الجارية التي باعها بخيار له ، ولازمه حرمة الوطء لأنه في غير الملك ، وقد أجيب عنه بوجوه ، وقد ذكرنا في محله أن الفسخ إنما يتحقق بنفس الالتزام النفسيّ لا بالوطء فالوطء يكون جاريا على مقتضى الفسخ ، غاية الأمر أن هذا الالتزام النفسيّ لا يكون فسخا إلا بمظهر له والفعل يكون هو المظهر ، والباعث على منع كون الوطء فسخا كونه غير صادر بعنوان الإنشاء بل صادر جريا على الالتزام ، فلو بنى على عدم كون الالتزام النفسيّ فسخا كان اللازم منع تحقق الفسخ بالفعل أيضا والله سبحانه أعلم (١) (قوله : هكذا) قيد لقوله : وضع ، يعني إنشاءه بالفعل (٢) (قوله : قريبة جداً) لاقتضاء العادة ذلك فانه بعد فرض كون معانيها ماهيات مخترعة للشارع ، وأنه في مقام تفهيمها للمخاطبين ، وأنه كان يستعمل تلك الألفاظ فيها دون غيرها يحصل الاطمئنان بأنه قد وضع تلك الألفاظ لتلك المعاني ولا سيما مع عدم استعماله تلك الألفاظ إلا فيها أو ندرة استعمالها في غيرها هذا وبضميمة بُعد إنشائه بالقول لعدم نقله لنا وعدم الحاجة إليه يثبت الوضع بالفعل لا بالقول (٣) (قوله : ويدل عليه) يعني على أصل الوضع التعييني لا كونه بالقول (قوله : تبادر المعاني)