ومثل (حرمت عليكم أمهاتكم) و (أحلت لكم بهيمة الأنعام) مما أضيف التحليل إلى الأعيان ومثل (لا صلاة إلا بطهور) ولا يذهب عليك أن إثبات الإجمال أو البيان لا يكاد يكون بالبرهان لما عرفت من أن ملاكهما أن يكون للكلام ظهور ويكون قالباً لمعنى وهو مما يظهر بمراجعة الوجدان فتأمل. ثم لا يخفى أنهما وصفان إضافيان ربما يكون مجملا عند واحد لعدم معرفته بالوضع أو لتصادم ظهوره بما حف به لديه ومبيَّناً لدى الآخر لمعرفته وعدم التصادم بنظره فلا يهمنا التعرض لموارد الخلاف والكلام والنقض والإبرام في المقام وعلى الله التوكل وبه الاعتصام.
______________________________________________________
بالقطع من أي موضع كان من اليد (١) (قوله : ومثل حرمت عليكم) وجه الإجمال في آيات التحليل والتحريم امتناع تعلقهما بالأعيان فلا بد من التقدير والصالح للتقدير متعدد وليس بعضه معينا إذ لا قرينة ويمكن دفعه بأن الإطلاق يقتضي تقدير كل ما هو صالح للتقدير من افعال المكلف المتعلقة بتلك الأعيان ولو بتقدير الجامع بينها إلّا ان يكون جهة ظاهرة ينصرف إليها الكلام كما في الآيتين الشريفتين ولذا لم يتوهم أحد من الصحابة إجمال آية تحريم الأمهات من جهة احتمال كل من اللمس والنّظر والكلام والتعظيم وغير ذلك (٢) (قوله : ومثل لا صلاة إلا بطهور) ووجه الإجمال أنه ـ بناء على الأعم ـ يمكن تقدير الصحة كما يمكن تقدير الكمال ولا قرينة معيِّنة لأحدهما ويمكن دفعه بان الصحة أقرب عرفا واعتباراً إلى نفي الذات من نفي الكمال والأقرب كذلك يكون أظهر (٣) (قوله : ولا يذهب عليك) هذا تعريض بكل من تعرض لإثبات دعوى الإجمال والبيان بالبرهان كما صنعه جماعة إذ الظهور وعدمه من الوجدانيات التي لا يرجع فيها إلا إلى الوجدان إلا أن يكون المقصود من سوق البرهان تنبيه النّفس على ما هو ثابت بالوجدان ولعله إليه أشار بقوله : فتأمل ، والله سبحانه أعلم. إلى هنا انتهى ما أردنا إيراده تعليقاً على كلام شيخنا وأستاذنا المحقق العلامة ـ أعلى الله مقامه ـ والحمد لله أولا