في الآية التاسعة التي نزلت ـ مع مجموعة من الآيات في السنة التاسعة للهجرة ـ بصفتها إعلاناً عامّاً ، نلاحظ إشارة إلى نقطة اخرى امر أميرالمؤمنين عليهالسلام بتلاوتها على الناس في مواسم الحجّ : (وَاذَانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكبرِ أَنَّ اللهَ بَرِىءٌ مِّنَ المُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) (١).
والتعبير بالبراءة من قبل الله ورسوله من المشركين بوصفه إعلاناً عامّاً في أكثر أيّام الحجّ حساسية دليل على النفور من المشركين وبيان لضخامة معصية الشرك بأجلى صوره.
* * *
ونلاحظ في الآية العاشرة تعبيراً جديداً ، حيث اعتبرت المشرك والمشركة في عرض الزاني وقال : (الزَّانِى لَايَنْكِحُ إِلَّا زَانِيةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَايَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ...).
وهذا التعبير سواء كان لبيان حكم شرعي وإلهي وهو حرمة الزواج من أهل الزنا والشرك أو كان إشارة إلى واقع خارجي وهو أنّ القذر يتبع القذر دائماً ، والطيور على أمثالها تقع فهو شاهد بليغ على قبح معصية الشرك ، لأنّها اعتبرت المشركين كالملوّثين بالزنا والفاقدين للقيم الخُلُقية والسجايا الإنسانية.
والحديث الوارد عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله : «لا يزني الزاني حِينَ يزني وهوَ مؤمنٌ ولا يَسرقُ السارقُ حين يسرقُ وهو مؤمنٌ فإنّه إذا فعلَ ذلك خُلِعَ عنهُ الإيمانُ كَخَلع القَميص» (٢) ، وهناك شاهد آخر على العلاقة بين هذين ، وسيأتي شرحُهُ بإذن الله.
__________________
(١) فسّر الكثير من المفسّرين (يوم الحجّ الأكبر) بعيد الأضحى وهو أهمّ أيّام الحجّ ، والروايات الواردة عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام وأبناء السنّة تؤيّد هذا المعنى ، في حين فسّره بعضهم بيوم عرفة وبعضهم الآخر بمجموع أيّام الحجّ التي يطلق عليها (الحجّ الأكبر) وتقابل العمرة وهي (الحجّ الأصغر) ، وقد خصّصها آخرون بسنة نزول الآية حيث شارك المسلمون والمشركون في مراسم الحجّ في تلك السنة ، وواضح أنّ التفسير الأوّل هو الأرجح من هذه الاحتمالات الأربعة.
(٢) تفسير نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ٥٧١ ، ح ٢٠.