وتتضمَّنُ الآية الحادية عشرة إشارة إلى نقطة جديدة في هذا المجال حيث تؤكّد أنّ الأنبياء العظام والملائكة المقرّبين لا يستحقّون العبادة فضلاً عن الأصنام ، فالعبادة مختصّة بالله عزوجل وتقول : (وَلَا يَأْمُرَكُمْ انْ تَتَّخِذُوا المَلَائِكَةَ والنَّبِيِّينَ ارْبَاباً) (١).
ولمزيد من التأكيد تضيف الآية : (أَيَأمُركُم بِالكُفْرِ بَعدَ اذْ أَنتُم مُّسلِمُونَ).
«أرباب» : جمع (ربّ) ويعني في الأصل المالك المصلح ، أي المالك الذي يسعى في تدبير ملكه وتربيته وإصلاحه ، ولذا فإنّ (ربّ الدار) و (ربّ الإبل) جاء بمعنى المالك والمدبّر للبيت أو الإبل ، وقد ندر استعمال كلمة «ربّ» في القرآن الكريم في غير الله ، منها الآية ٤٢ و ٥٠ من سورة يوسف حيث استعملت كلمة (ربّ) في نعت ملك مصر ، ويستفاد من عبارات هذه السورة بأنّ هذه الكلمة كانت كثيرة الاستعمال كسمةٍ للشخصيات المصرية الكبيرة.
وفي المقابل استعملت هذه الكلمة التي وردت مئات المرّات في القرآن الكريم ـ في كلّ المواطن تقريباً ـ كصفةٍ لله عزوجل ، لأنّه هو المالك الأصلي ـ في الواقع ـ والمدبّر والمربّي لموجودات الكون كلّه ، المهمّ أنّ الكثير من الأقوام كانوا يعتقدون بآلهة صغيرة ويطلقون عليها (ربّ) أو (ربّ النوع) ويطلقون على الله (ربّ الأرباب) وكانت هذه العقيدة لدى بعض الأقوام تجاه الملائكة أو بعض الأنبياء ، وآية البحث تنفي بصراحة هذه العقائد الباطلة وتعرّف الله وحده ربّاً وليس ربّ الأرباب ، لأنّها تعتبر انتخاب أي ربّ سواه كفراً والإسلام على طرف نقيض معه.
* * *
__________________
ـ الحكومة العالمية للمستضعفين وكان لها نموذج صغير بعد فتح مكّة والإنتصارات الواسعة بعد النبي صلىاللهعليهوآله والنموذج الأتمّ والكامل سيتحقّق عند قيام الإمام المهدي (عج).
(١) لاحظ أن «يأمر» منصوب لأنّه معطوف على (أن يؤتيه الله).