في الآية الخامسة استناد خاصّ إلى كون الأصنام مصنوعة باليد حيث تقول : (وَاللهُ خَلَقَكُم وَمَا تَعمَلُونَ) وذلك لما ورد في الآية السابقة لها عن قول إبراهيم عليهالسلام ـ رمز التوحيد ـ للمشركين : (اتَعْبُدُونَ مَا تَنحِتُونَ)؟ ويقول في هذه الآية : (واللهُ خَلَقَكُم وَمَا تَعمَلُونَ) فلا تستحقّ أي منها العبادة ، بل إنّ أصنامكم موجودات أحطّ منكم لأنّها مصنوعة بأيديكم.
و «ما» : في جملة (وما تعملون) في هذه الحالة تكون موصولة.
وقد احتمل بعض أو أصرّوا على أنّ اعتبار (ما) هنا مصدرية فيكون معنى الآية : إنّ الله خلقكم وخلق أعمالكم ، في حين لا يتناسب هذا المعنى لأنّه :
أوّلاً : إنّ الله يوبّخ الكفّار في الآية على عبادتهم للأصنام فلو كان الله خالقاً لأعمالهم فلماذا التوبيخ؟!
ثانياً : إنّ جملة (ما تعملون) دليل على أنّهم خلقوا أعمالهم ، وعليه لا تنسجم مع الخلق الإلهي.
ثالثاً : في الآية السابقة ورد حديث عن الأصنام التي كانوا يصنعونها بأيديهم فالمناسب أن تكون (ما) هي المراد هنا ، وإلّا فإنّ الآيات تفقد ترابطها ، ولذا اختار كثير من المفسّرين التفسير الأوّل أمثال الزمخشري ، في الكشّاف والآلوسي في روح المعاني ، والعلّامة الطباطبائي في الميزان وغيرهم.
وهنا سؤال يطرح نفسه وهو : كيف يمكن أن تكون الأصنام مصنوعة لله والبشر في الوقت ذاته؟!
يقول الزمخشري : إنّ موادها مخلوقة لله وصورتها مخلوقة لصانعي الأصنام (١).
إلّا أنّ الصورة والشكل مخلوقة لله من إحدى الجهات ، لأنّ الله سبحانه أعطى الإنسان القدرة وخلق فيه هذا العلم والمهارة وإن نهاه عن سوء الاستفادة منها.
وأخيراً نواجه في الآية السادسة والأخيرة عبارة جديدة في باب توحيد الخالقية حيث تقول : (الَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمرُ) و (تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).
__________________
(١) تفسير الكشّاف ، ج ٤ ، ص ٥١.