فحينما يوفَّقُ المسلمون يوماً لفتح الأندلس وهي بوابة اوربا أو يخرجون من تلك الديار المعمورة يوماً آخر فإنّ ذلك حديث وفق تلك الأسباب التي هي مظاهر لمشئيته الإلهيّة.
وعندما يتسلّط أمثال يزيد وجنگيزخان على الناس فلعلّه نتيجةً لأعمال الناس أنفسهم حيث إنهم يستحقون مثل هذه الحكومات فقد ورد : «كيفما تكونوا يولّى عليكم».
من هنا يتّضح الجواب على الأسئلة التي تطرح حول آية البحث وليست بحاجة إلى توضيح أكثر.
* * *
الآية الثانية تنظر إلى الإشكالات الواهية التي أُثيرت من قبل اليهود حول تغيير القبلة بقولهم : هل بإمكان الله أن ينسخ حكماً ويحلّ حكماً آخر محلّه؟ أن يرفع حكم القبلة من بيت المقدس ويجعله للكعبة؟ فتقول : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماوَاتِ وَالْأَرضِ).
وعليه هل يكون عجيباً أن يقوم مثل هذا الحاكم العظيم بنسخ حكم؟
إنّه ليس مطّلعاً على مصالح العباد فحسب بل له الحاكمية أيضاً وهو مالك التدبير والتصرّف المطلق في الكون وفي عباده.
ولذا تضيف الآية في ذيلها : (وَمَا لَكُمْ مِّنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصيرٍ).
إنّه يعينكم في ضوء علمه بالمصالح والمفاسد وفي ظلّ حاكميته يسنّ القوانين ، ثمّ أنّ الله تعالى ليس له مكان لكي تتوجّهوا إليه في الصلاة ، وعليه فإن قيمة المكان المتّخذ كقبلة ـ مع أنّ الكون بأسره ملك له ـ ناشئة من أمره بذلك.
وقد ورد وصف الله تعالى بأنّه (ولي) و (نصير) في القرآن بكثرة ، ويمكن أن يكون الاختلاف بينهما من جهتين : الاولى أنّ (ولي) يعني حافظ المصالح و (نصير) هو الذي ينصر الإنسان على عدوّه ، والاخرى : أنّ (ولي) هو الذي يؤدّي عملاً لشخص تحت ولايته ، ولكن (نصير) هو الذي يعين الإنسان ليتغلّب على مشكلته.
الآية الثالثة ومن خلال الإشارة إلى خلق الإنسان والحيوانات والتطوّرات العجيبة