الآية الخامسة تبيّن هذه المسألة في إطار جديد ، فبعد بيان حاكمية الله على الشمس والقمر ونظام النور والظلم تستنتج بهذا النحو بقولها : (ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُم لَهُ المُلكُ).
في حين ليس للمعبودات من دونه حاكمية ولا مالكية حتّى بحجم الغشاء الرقيق الذي يغلّف نوى التمر : (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ).
وقد ذكر المفسّرون واللغويون معانيَ مختلفة لكلمة قطمير ، أشهرها هو الغشاء الرقيق الذي يفصل النوى عن التمر.
وقد فسّره البعض بأنّه يعني التجوّف الأبيض الصغير الذي يوجد على ظهر النوى وينمو منه نبات التمر ، وفسّره البعض بأنّه رأس التمرة ، وفسّره بعض آخر بمعنى الشقّ الموجود على بطن النوى ، أو بمعنى النطفة الحيّة الموجودة في بطن النوى.
ترتبط هذه المعاني الخمسة بنوى التمر التي كانت في متناول العرب ، وهناك تفسير آخر ذكر لهذه الكلمة وهو غشاء البصل ، ولكن الأشهر ـ كما ذكرنا ـ هو المعنى الأوّل وعلى كلّ حال هو كناية عن الشيء الصغير والتافه الذي لا يؤبه له (١).
والآية هذه دليل واضح على أنّ المالكية والحاكمية لا تكون لأحد سوى الله عزوجل إلّا أن تكون بمشيئته وهبته.
* * *
وفي الآية السادسة والأخيرة جاء هذا المضمون في إطار جديد ، حيث تخاطب النبي صلىاللهعليهوآله : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِنْ دُونِ اللهِ) هل بإمكانهم أن يحلّوا عقدة من مشكلاتكم؟
ثمّ تقيم دليلاً على عجزهم في حلّ المشكلات وتضيف : (لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِى السَّماوَاتِ وَلَا فِى الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِنْ ظَهِيرٍ).
__________________
(١) راجع تفاسير مجمع البيان ؛ روح المعاني ؛ القرطبي ؛ الميزان ؛ المراغي ؛ ومفردات الراغب ، لسان العرب ؛ ومجمع البحرين.