وهذه الآية تدلّ بوضوح على أنّ علامة الحبّ الحقيقي لله ورسوله هي طاعتهما واتّباعهما وإلّا كان حبّاً كاذباً أو ضعيفاً جدّاً.
* * *
الآية الثالثة تضيف طاعة اولي الأمر إلى طاعة الله ورسوله وتأمر : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ واولِى الأَمرِ مِنْكُم فَإِنْ تَنَازَعتُمْ فِى شَىءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُم تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ).
وهذا التعبير يدلّ بوضوح على أنّ الطاعة مختصّة في الله ثمّ رسوله واولي الأمر ، ولحلّ أي نزاع لابدّ من الإستعانة بهم ، وبدون ذلك فإنّ قواعد الإيمان بالمبدأ والمعاد ستتزعزع في قلب الإنسان وروحه.
* * *
الآية الرابعة تتحدّث عن طاعة الله فقط حيث تقول : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) ، فهي تأمر بالتقوى أوّلاً وتجنّب المعاصي لأنّ (التحلية) والتطهير يتقدّمان على (التخلية) ، ثمّ تأمرنا ثانياً بالإستماع لأمر الله استماعاً يكون مقدّمة للطاعة ، وتأمر أخيراً بإطاعة أمره دون قيد أو شرط ، وهذه الطاعة المطلقة مختصّة في الله عزوجل ، وما يظنّه البعض من أنّ عبارة : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) نسخت الآية (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) (آل عمران / ١٠٢) خطأ كبير لأنّ الآيتين تتحدّثان عن حقيقة واحدة ، لأنّ حقّ التقوى ليس سوى أن يكون الإنسان متّقياً قدر ما يستطيع.
الآية الخامسة التي جاءت على لسان الكثير من الأنبياء عليهمالسلام تأمر أوّلاً بالتقوى ثمّ طاعة الأنبياء وتقول : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) وقد نقلت هذه العبارة نفسها عن لسان نوح وهود وصالح ولوط وشعيب والسيّد المسيح عليهمالسلام في القرآن الكريم (مرّة واحدة على لسان نوح (الشعراء / ١٠٨) ومرّتين على لسان هود (الشعراء / ١٢٦ و ١٣١) ومرّتين على لسان صالح