وكأنّها روايات متواترة ، فمثلاً يتضمّن تفسير نور الثقلين ٣٠ رواية ، وتفسير البرهان ٣٧ رواية ولعلّها تتجاوز الأربعين في مجموعها (مع حذف المكرّرات) ، كما يتضمّن تفسير (الدرّ المنثور) روايات عديدة ، ممّا يشير إلى أنّ مضامين الروايات لا تنحصر في مذهب إسلامي خاصّ.
غير أنّ كثيراً منها منقولة عن راوٍ واحد ولذا يشملها حكم الخبر الواحد (يلاحظ أنّ كثيراً منها مروي عن زرارة ، وعدداً منها عن أبي بصير ، وبعضاً منها عن جابر ، كما تلاحظ روايات عن عبدالله بن سنان وصالح بن سهل) وبهذا فإنّ العدد الحقيقي للروايات ينخفض بشكل ملحوظ.
هذا وإنّ مضامين هذه الروايات متباينة تماماً فبعضها يتّفق مع التفسير الثاني القائل بأنّ هذا العهد عهد فطري ويرجع إلى إيداع المعرفة الفطرية في الإنسان نظير الرواية التي ينقلها عبدالله بن سنان عن الإمام الصادق عليهالسلام : «قال : سألته عن قول الله عزوجل (فطرة الله التي فطر الناس عليها) ما تلك الفطرة؟ ، قال : هي الإسلام ، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد ، قال (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) وفيه المؤمن والكافر» (١).
وكما تلاحظ فإنّ الحديث يتضمّن بياناً عن الإرتباط الوثيق بين آية (الفطرة) وآية (عالم الذرّ) ، وقد روى زرارة هذا المعنى بعبارة اخرى عن الإمام الصادق عليهالسلام ، فإنّه عندما سأل الإمام عليهالسلام عن تفسير الآية (وإذ أخذ ربّك ...) أجابه عليهالسلام : «ثبتت المعرفة في قلوبهم ونسوا الموقف ، ويذكرونه يوماً ، ولولا ذلك لم يدر أحد من خالقه ومن رازقه؟» (٢).
في حين أنّ بعضاً آخر من الروايات يتّفق مع التفسير الأوّل حيث تذكر أنّ ذرّية آدم خرجوا من ظهره على صورة ذرّات ، وقد أخذ الله هذا العهد منهم بلسان القال ، كالروايات التي وردت في تفسير البرهان المرقّمة ب ٣ ، ٤ ، ٨ ، ١١ ، ٢٩ (وقد روى زرارة هذه الروايات عن الإمام الباقر عليهالسلام وهي ـ في الحقيقة ـ رواية واحدة).
__________________
(١) تفسير البرهان ، ج ٢ ، ص ٤٧ ، ح ٧ ؛ وتفسير نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٩٥ ، ح ٣٤٥.
(٢) تفسير البرهان ، ج ٢ ، ص ٤٨ ، ح ١٥.