وقد ورد هذا المعنى في تفسير الدرّ المنثور عن ابن عبّاس بطرق متعدّدة ولكن يطول ذكرها وهي ذات مضمون واحد في الحقيقة وتتلخّص في حديث واحد عن ابن عبّاس وليس عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وفي كتب اخرى نقل هذا المعنى بطرق اخرى.
والإشكال المهمّ الذي يرد على هذه الأحاديث هو أنّها مخالفة لظاهر وصريح كتاب الله لأنّها تقول بأجمعها : أنّ ذرّية آدم خرجت من ظهر آدم على صورة ذرّات ، في حين يقول القرآن الكريم بأنّ الذرّات هذه خرجت من ظهور بني آدم : (مِنْ بَنى آدمَ مِن ظهورِهِم ذُريَّتَهم).
وإضافة إلى ذلك فإنّ ثمّة إشكالات عديدة اخرى ترد على مضامين هذه الأحاديث تمّت الإشارة إليها وتجعلها في المجموع في عداد الأحاديث الضعيفة.
والمجموعة الثالثة من الأحاديث مبهمة وتلائم التفاسير المختلفة ، مثل الحديث الذي يرويه أبو بصير عن الإمام الصادق عليهالسلام حيث سأله : كيف أجابوا وهم ذرّ؟! فقال عليهالسلام : «جعل الله فيهم ما إذا سألهم أجابوه ، يعني في الميثاق» (١).
وهناك مجموعة رابعة من الأحاديث تقول بأنّ هذا السؤال والجواب قد جريا مع أرواح البشر ، وهذا يوافق التفسير الثالث فقط ، كرواية المفضّل بن عمر عن الإمام الصادق عليهالسلام حيث قال : «قال الله عزوجل لجمع أرواح (بني آدم) ألست بربّكم؟ قالوا : بلى» (٢).
كما يستفاد من مجموعة روائية خامسة أنّ الله سبحانه أوقف الأرواح البشرية في ذلك اليوم على نفس الهيئة التي تخلق عليها وأخذ منها العهد (٣).
بناءً على ما ذكر وبملاحظة التعارض بين هذه الروايات وضعف السند في كثير منها ، لا يمكن الإعتماد عليها كمستمسك معتبر أبداً ، والأفضل كما يقول العلماء العظام هو أن نترك
__________________
(١) تفسير البرهان ، ج ٢ ، ص ٤٩ ، ح ٢٢.
(٢) المصدر السابق ، ح ٢٠.
(٣) تفسير درّ المنثور ، ج ٣ ، ص ١٤٢.