الناس بالخير والسعادة ، وينذرونهم من الشّر والأهواء ، ويخرجونهم من الظلمات إلى النور ، لأن استسلام الناس إلى عقولهم بلا هدي إلهي مما يدعو إلى الشقاق والنزاع والانحراف والاضطراب والقلق ، فكثيرا ما حالت الأوهام والمصالح الذاتية بين الناس وبين الوصول إلى المراد من العقائد والأحكام التشريعية المنظمة لشؤون المجتمع.
وأنزل الله تعالى مع الأنبياء والرّسل الكتب الإلهية القائمة على الحق والعدل والرحمة والمصلحة الحقيقية ، ليحكم الله بين الناس فيما اختلفوا فيه من أمور دنياهم ودينهم ، ولم يقع الاختلاف في الدين بين العلماء وأهل النظر في الكتاب الإلهي إلا بسبب البغي والحسد والطمع في الدنيا وزينتها ، أما الذين آمنوا وأخلصوا دينهم لله ، وعملوا صالحا من أنفسهم ، وثابوا لرشدهم فهداهم ربّهم للحق بإذنه وإرادته ، والله مصدر الخير يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
عاقبة الصّبر على الدعوة إلى الله
تعرّض النّبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنون من أصحابه لمختلف أنواع الأذى والاضطهاد والتعذيب ، فصبروا وصابروا ، وكافحوا وجاهدوا ، حتى ظفروا وانتصروا ، وتحققت لهم الآمال الكبرى والغايات السامية. قال الله تعالى مبيّنا هذا الموقف المشرّف للرسول وصحابته : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ (١) تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا (٢) مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ (٣) اللهِ قَرِيبٌ (٢١٤)) [البقرة : ٢ / ٢١٤].
__________________
(١) حال الذي مضوا من المؤمنين.
(٢) الفقر ، والمرض.
(٣) أزعجوا بالبلايا الشديدة.