(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩)) [البقرة : ٢ / ٢١٩].
وقال سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠)) [المائدة : ٥ / ٩٠].
وكان تعامل العرب في الجاهلية بالميسر على النحو التالي ، كانت سهام الميسر عندهم عشرة ، سبعة لها حظوظ ، لكل منها نصيب معلوم ، وثلاثة لا نصيب لها ، وكان لكل واحد منها اسم ، أكثرها حظا المعلّى ، وأقلها حظا الفذّ ، فإذا جاء الشتاء واشتد البرد على الفقراء ، اشتروا الجزور (الجمل) وضمن الأغنياء (الأيسار) الثمن ، ثم تنحر الجزور ، ثم يجعلون السهام (الأعواد) العشرة في كيس أو ربابة ، ثم يحركها أمين المقامرين مرتين أو ثلاثا ، فيخرج منها الأقداح (الأعواد) فمن خرج له قدح من ذوات الأنصباء أخذ نصيبه ، ومن خرج له قدح مما لا نصيب له ، لم يأخذ شيئا ، وغرم ثمن الجزور كله ، وكانوا يدفعون الأنصباء الرابحة إلى الفقراء ، ولا يأكلون منها ، ويفتخرون بذلك ، ويذمون من لم يشترك معهم ، وذلك هو الميسر عند العرب ، ويشبه ما يسمى باليانصيب الخيري اليوم.
حرم الله الميسر تحريما قاطعا كتحريم الخمر ، لأن الميسر إثم كبير ، يؤدي إلى اليسار والغنى الطارئ من غير تعب ولا جهد ، ويلحق الضرر بالخاسر ، فهو غرم مجهد ثقيل ، ويثير العداوة بلا سبب ، ويزرع الحقد والكراهية من غير مسوغ ، ويضيع الوقت من غير فائدة ، ويصرف العقل عن جادة التفكير النافع ، ومع ذلك فهو مدعاة للكسل والخمول ، واصطياد الثروة والمال من غير عناء ولا مشقة ، فلا يكون فيه بركة