ثم أحاط الله تعالى أحكام الرضاع بالأمر بالتقوى ورقابة الله سبحانه في السر والعلن ، لأن الله بصير بكل عمل ، خبير بأي تدبير ، ومجاز كل إنسان على عمله ، وفي هذا وعيد وتحذير كاف لمنع الانحراف. قال الله تعالى مبينا أحكام الرضاع المذكورة : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَها لا (١) تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ (٢) إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٣)) [البقرة : ٢ / ٢٣٣].
هذه الأحكام المقررة شرعا من أجل حماية الولد ورعايته والحفاظ على وجوده ومستقبله ، وكل انحراف عن هذه الأحكام يستوجب الوقوع في الإثم والمؤاخذة الأخروية ، لأن الإسلام رحمة عامة بجميع العالمين ، صغارهم وكبارهم.
أحكام المرأة المتوفى عنها زوجها
تظل بعض آثار الزواج باقية بعد انتهائه أو انحلاله ، صونا لسمعة المرأة وحماية لشرفها وكرامتها ، وتذكيرا بنعمة الزواج ، وحفاظا على حقوق الزوج من إلحاق نسب الولد الذي قد يولد به ، ومنع خطبتها من رجل آخر خلال فترة زمنية محددة تسمى بالعدة ، وعدم جواز إبرام عقد زواج جديد مع رجل آخر حتى تنتهي العدة.
وشرعت العدة في الإسلام الحنيف لمعرفة براءة الرحم ، وللحداد على الزوج ، وتقتضي العدة فقط الامتناع عن الزينة ولبس الثياب المصبوغة الجميلة ، والطيب
__________________
(١) طاقتها.
(٢) فطاما للولد قبل الحولين.