الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ (٢٥١) تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢٥٢)) [البقرة : ٢ / ٢٤٨ ـ ٢٥٢].
وقال لهم نبيهم صموئيل : إن علامة ملك طالوت أن يأتيكم صندوق التوراة الذي أخذه منكم أعداؤكم في فلسطين ، فيه طمأنينة لقلوبكم وسكون للنفس ، فيما اختلفتم فيه من أمر طالوت ، وفيه بقية : قطع من ألواح التوراة ، ومخلّفات أو آثار آل موسى وآل هارون ، كعصا موسى ، تحمله الملائكة حتى تضعه في بيت طالوت ، إن في ذلك علامة على ملكه ، إن كنتم مؤمنين بالله حقا ، فاسمعوا لطالوت وأطيعوه. قال ابن عباس : كانت العماليق قد سبوا التابوت من بني إسرائيل ، فجاءت الملائكة بالتابوت تحمله بين السماء والأرض ، وهم ينظرون إليه ، حتى وضعوه عند طالوت ، فلما رأوا ذلك قالوا : نعم ، فسلّموا له وملّكوه ، وكانت الأنبياء إذا حضروا قتالا ، قدموا التابوت بين أيديهم.
فلما خرج طالوت عن بلده بيت المقدس ، مع جنوده ، لقتال العمالقة ، قال لهم طالوت : إن الله مختبركم بنهر : هو نهر الأردن ، فمن شرب منه ، فليس من جنودي أو أصحابي ، ومن لم يذقه أو لم يشرب منه ، فإنه من أتباعي وجنودي ، إلا من أخذ منه بمقدار ملء الكف ، بالاغتراف غرفة واحدة ، فشربوا منه ، وعصوا أمر الملك ، إلا عددا قليلا منهم ، بعدد أصحاب بدر (٣١٤). فلما اجتاز طالوت النهر وجماعته المؤمنون القلة الطائعون ، قال ضعفاء الإيمان منهم : لا قدرة لنا على قتال جالوت : أكبر طاغية وثني ، كان قد احتل مع أتباعه فلسطين ، ولا قوة لنا على قتال جنوده لكثرتهم وقلة عددنا ، قال الذين يتيقنون أنهم ملاقو ربهم في الآخرة : قد تغلب الجماعة القليلة الجماعة الكثيرة ، بإرادة الله ونصره وتأييده ، والله مع الصابرين بالعون ، وإن النصر مع الصبر ، وليس بكثرة العدد.