المثل الأول شبّههم بحال جماعة استضاؤوا بنار زمنا يسيرا ثم أطفأها الله.
والمثل الثاني صوّر انتهازيتهم وشبّههم بحال جماعة أصابهم مطر غزير ، وفرحوا بالبرق والنور وقتا ما ، ثم وقعوا حيارى مبهوتين حينما أظلم الأفق. فقال تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً (١) فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ (١٧) صُمٌّ بُكْمٌ (٢) عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (١٨) أَوْ كَصَيِّبٍ (٣) مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (١٩) يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ (٤) كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا (٥) وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠)) [البقرة : ٢ / ١٧ ـ ٢٠].
إثبات الألوهية ورسالة النّبي صلىاللهعليهوسلم
أوضح القرآن الكريم الفرق بين عبادة المؤمنين وعبادة المشركين ، أما المشركون الذين يتخذون مع الله إلها آخر من الأصنام والأوثان ، فيعبدون ما لا يضرّ ولا ينفع ، ولا يغني من الحق شيئا ، ويتركون عبادة الله الرّب الذي خلقهم ، وخلق آباءهم من قبل ، وأوجد هذا الكون ؛ سماءه وأرضه ، برّه وبحره ، فهل يليق بهم أن يتخذوا أندادا أو أمثالا لله عزوجل ، مع أنه خلقهم وأمدّهم بنعم لا تعدّ ولا تحصى؟! أما المؤمنون فيتميزون بالعقل والبصيرة ، والوفاء وعرفان الحق والجميل ، ففي عبادتهم لله وحده تتحقق عبوديتهم المطلوبة لله ، ومحبّتهم إياه ، وتقواهم واستقامتهم على النّهج الصحيح ، وشكرهم لربّهم الذي جعل لهم الأرض ممهدة للإقامة عليها
__________________
(١) أوقدها.
(٢) خرس لا ينطقون.
(٣) كمطر.
(٤) يستلبها.
(٥) وقفوا وثبتوا في أماكنهم متحيرين.