تفسير سورة آل عمران
صفات الله وإنزال الكتب الإلهية
افتتح الله تعالى أول سورة آل عمران المدنية النزول ببيان صفاته العليا ، وقدرته الخارقة ، وعلمه الدقيق الشامل ، وخلقه بني آدم ورعايته لهم ، وإنزاله الكتب الإلهية لترشد الناس إلى طريق الحق والخير ، وتهديهم إلى الصراط المستقيم ، فقال سبحانه :
(الم (١) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣) مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (٤) إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٥) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦)) (١) (٢) (٣) [آل عمران : ٣ / ١ ـ ٦].
الله الإله بحق ، لا معبود بحق في الوجود إلا هو ، فليس في الوجود صاحب سلطة قادرة على قهر النفوس وإخضاعها لهيمنته ، وبيدها الخير ومنع الضر إلا الله وحده دون سواه ، هو الحي الدائم الحياة التي لا أول لها ، فلو تعرض لموت ولو ساعة ، أو لقهر من غيره ، لم يكن إلها ، وهو القيوم أي القائم على خلقه بالتدبير والتصريف ، فبقدرته قامت السماوات والأرض ، ودوامها مقصور على إرادته ومشيئته وقدرته.
__________________
(١) دائم الحياة ، والدائم القيام بتدبير خلقه.
(٢) أي ما يفرق بين الحق والباطل كالدلائل والبراهين.
(٣) قوي غالب لا يغلب.