ـ أبي سفيان وأصحابه ـ فوافقوهم وأجمعوا أمرهم ، وقالوا : لتكونن كلمتنا واحدة ، ثم رجعوا إلى المدينة ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٢)).
وقال محمد بن إسحاق : لما أصاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم قريشا ببدر ، فقدم المدينة ، جمع اليهود وقال : «يا معشر اليهود ، احذروا من الله مثل ما نزل بقريش يوم بدر ، وأسلموا قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم ، فقد عرفتم أني نبي مرسل ، تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم» فقالوا : يا محمد ، لا يغرنّك أنك لقيت قوما أغمارا (جهلاء) لا علم لهم بالحرب ، فأصبت فيهم فرصة!! أما والله لو قاتلناك لعرفت أنا نحن الناس ، فأنزل الله تعالى : قل للذين كفروا ـ يعني اليهود ـ ستغلبون ـ تهزمون ـ وتحشرون إلى جهنم في الآخرة.
ومعنى الآيات : إن الذين كذبوا بآيات الله ورسله ، لن تكون أموالهم ولا أولادهم بدلا لهم من الله ورسوله تغنيهم يوم القيامة ، فإن استمروا في غيهم وضلالهم ، فأولئك البعيدون في درجات العتو والفساد وهم وأصحابهم وقود النار الذي توقد به من حطب أو فحم ؛ لأن حالهم كحال آل فرعون وقبائل عاد وثمود ، كانوا قد كذبوا بآيات الله ، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر ، والله شديد قوي العقاب ، سريع الحساب. قل لهم يا محمد : ستغلبون أيها اليهود في الدنيا عن قريب ، كما حدث في معاركهم مع المسلمين ، وستحشرون في الآخرة إلى جهنم ، وبئس المهاد : الفراش الممهّد ، وتالله لقد كان لكم آية عظيمة دالة على صدق القرآن فيكم في لقاء فئتين في موقعة بدر ، فئة معتزة بكثرة مالها وعددها ، كافرة بالله ، والأخرى فئة قليلة العدد ، صابرة ، مؤمنة بالله ، تقاتل في سبيل الله ، انتصرت على الفئة الكثيرة من المشركين الذين يقاتلون في سبيل الشيطان.