لها ، فقال : يا معشر قريش ، لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل ، ولقد كانا على الإسلام ، فقالت قريش : يا محمد ، إنما نعبد هذه حبا لله ، ليقربونا إلى الله زلفى. فأنزل الله تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ) وتعبدون الأصنام لتقربكم إليه ، (فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) فأنا رسوله إليكم وحجته عليكم ، وأنا أولى بالتعظيم من أصنامكم.
وقال ابن عباس أيضا : إن اليهود لما قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه ، أنزل الله تعالى هذه الآية ، فلما نزلت عرضها رسول الله صلىاللهعليهوسلم على اليهود ، فأبوا أن يقبلوها.
ومضمون الآيتين : قل لهم يا محمد : إن كنتم تحبون الله حقيقة ، فاتبعوني فإن ما جئت به هو من عند الله ، والمحب المخلص الصادق حريص على إرضاء المحبوب ، وامتثال أمره واجتناب نهيه ، فإن اتبعتموني يحببكم الله ويوفقكم للخير ، ويغفر لكم ذنوبكم ، والله غفور رحيم.
قل لهم يا محمد : أطيعوا الله باتباع كلامه ، واتبعوا الرسول باتباع منهجه وسنته ، والاهتداء بهديه واقتفاء أثره ، فإن تولوا وأعرضوا ولم يجيبوا دعوتك غرورا منهم بدعوى أنهم محبون لله وأنهم أبناؤه ، فاعلم أن الله لا يحب الكافرين الذين لا يتأملون في آيات الله ، ولا يهتدون إلى الدين الحق والشرع الحنيف ، ومعنى قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) أنه يعذبهم ويعاقبهم على كفرهم بالله وبرسوله ، وهذا وعيد وتهديد يستحق التأمل والتعقل.
اصطفاء الأنبياء
يختار الله عزوجل أنبياءه ورسله ، لما يجده فيهم من مقومات عظيمة ومؤهلات عالية ، ولما يراه مناسبا لقومهم ، ويلائم عصرهم وزمانهم. وهذا منهج يتبعه القادة والحكام ، فإنهم يبعثون الرسل والسفراء إلى أمراء العالم وحكامهم ، ويختارونهم